وأوردونا على منهل الحق الواضح. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (1).
وإن كان مقصودك الآن سؤالنا أن تسمع صورة اعتقادنا قبل النظر في دلائلنا، فاعلم أننا نعتقد:
أن لنا ربا واجب الوجود بذاته، متفردا في صفاته، قادرا على كل مقدور مختارا في سائر الأمور، عالما بكل معلوم، سميعا بصيرا مدركا منزها عن الجسمية والتشبيه وعن ظلم العباد وعن الرضا بما يقع منهم من الفساد، غنيا واحدا أبديا سرمديا حكيما لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب، مريدا لما تقتضيه الحكمة والإحسان، كارها لما تكره الحكمة والعدل من الظلم والكفر والعدوان متكلم بكلام أحدثه بقدرته وأنزله على ملائكته ورسله وأنبيائه وخاصته.
وإن أفعالنا صادرة عنا بحسب دواعينا وأن كل قبيح أو فساد أو نقص فإنه منا، وإن ربنا جل جلاله منزه عن أفعالنا الذميمة وعما نختاره نحن من الاختيارات السقيمة، وأننا مختارون ولسنا مكرهين ولا مضطرين ولا مقهورين.
وإنه سبحانه خلقنا رحمة لنا وعناية بنا وجودا وتكرما علينا وإحسانا إلينا، " من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد " (2).
وإنه جعل لنا عقولا سليمة تشهد عندنا بجملة ما كلفنا إياه وتدلنا على مسالك رضاه. وإنه بعث الأنبياء حجة على من أطاعه وعصاه، حيث علم أن رسله أهل لتحمل رسالته وأداء أمانته، وعلم أن عباده محتاجون إلى معرفة تفصيل مراد الله منهم، فجعل رسله سفراء يأخذ عباده تلك التفاصيل عنهم، ولئلا يقول الناس
পৃষ্ঠা ৯