القول في تحديد الإجماع
حد الإجماع الذي هو حجة؛ إجماع علماء العصر من أهل العدالة والاجتهاد على حكم.
وثبوت الإجماع منهم قد يكون بنصهم عليه، وبنص بعضهم وسكوت الباقين على الرد.
والسكوت الذي هو حجة: السكوت عند عرض الفتوى عليهم أو اشتهار الفتوى في الناس من غير ظهور رد من أحد، وذلك لأنه إذا كان الحكم عنده بخلاف ما سمع لم يسعه السكوت عن ذكره فيدل حاله على سكوت يحل، وذلك إذا كان عنده الحكم كذلك، هذا إذا دام على السكوت إلى مدة تنقضي في مثلها الحاجة غلى النظر لإصابة الحق.
فنفس السكوت قد يكون لطلب الصواب ولا عبرة لقلة العلماء وكثرتهم.
ولا عبرة بالثبات على ذلك حتى يموتوا.
ولا عبرة لمخالفة العامة الذين لا رأي لهم في الباب.
ولا بالمتهمين بالهوى فيما خالفونا فيما نسبوا به إلى الهوى.
فأما خلافهم فيما عدا ذلك فمعتبر ما لم يغلو في هواهم حتى كفروا أو تسفهوا حتى صاروا ماجنين لا تقبل شهادتهم.
أما الإجماع نصًا فما فيه إشكال وأما سكوتًا فلأن السامع ما يحل له السكوت عن بيان الحق إذا كان علمه بخلافه فتدل عدالته على أن سكوته على سبيل يحل له، وهو في كون المسموع حقًا إلا أنا شرطنا مدة التأمل لدرك الحق لأن الحق لا ينال بالاجتهاد إلا بعد نظر في أشباه المحادث، وتمييز الأشبه من بين الجملة ولا بد لهذا من مدة.
ثم المدة لمثله في العادات لا يمتد إلى الموت بل إلى حين يتبين له الوجه فيه إما على الموافقة فلا يلزمه النطق به فسكوته عن الرد دليل عليه، أو على المخالفة فيرده، أو يتعارض عليه الأشباه فيلزمه الفتوى بأي الأشباه كان فيصير سكوته فتوى بما ظهر من فتوى الأول.
فإن قيل: وقد يبدو للمجتهد في عمره ما يرجع به عن الأول، فهلا شرط لصحة الإجماع الثبات على الفتوى منهم ما لم يموتوا؟
قلنا: لما ثبت أن الحق لا يعدو إجماعهم علم يقينًا بعد الإجماع إصابتهم الحق
1 / 28