والأكثر على أنها مغمورة بالماء، وإنما حكم بأن المعمور ربع؛ لأنه لم يوجد في أرصاد الحوادث الفلكية كالخسوفات تقدم ساعات الواغلين في المشرق لها على ساعات الواغلين في المغرب زائدا على اثنتي عشرة ساعة لكل ساعة خمس عشرة درجة، وخمسة عشر في اثنى عشر بمائة وثمانين وهو نصف الدور. فعلموا من ذلك أن طول المسكون لا يزيد على نصف الدور، وإنما قيل:
إن المسكون هو الشمالي؛ لأنه لم يوجد أظلال أنصاف نهار الاعتدالين في شيء من المساكن جنوبيا إلا في قليل من مساكن على أطراف الزنج والحبشة، لكن لا يزيد عرضها على ثلاث درجات، وفي جانب الشمال أيضا لا يمكن أن يسكن فيما جاوز عرضه تمام الميل الكلي؛ لشدة البرد، والمراد بتمام الميل الكلي عرض ست وستين درجة ونصف تقريبا، والبحر محيط بأكثر جوانب الأرض، أما من جانب المغرب وشماله، والجانب الشرقي الجنوبي فمعلوم، وأما جنوب المغرب فإنه لم يصل أحد فيه إلى البحر. وكذلك شمال المشرق ليس لنا وقوف يقيني على البحر الذي فيه، وقد قيل: إن علة عمارة الربع الشمالي، وخراب الربع الجنوبي إنما هو قرب الشمس؛ لأنها إذا سامتت الربع الجنوبي من الأرض تكون في البروج الجنوبية في حضيضها، فتكون حينئذ أقرب إلى الأرض، وأعظم جرما، وأشد شعاعا وأثرا، وقد ضعف النصير الطوسي هذا التعليل وقال: إن التفاوت بين صغر الشمس من جهة كونها في الأوج، وكبرها من جهة كونها في الحضيض ليس ببين عند الحس، فمن البعيد أن يبلغ تأثيرها إلى حد يصير أحد موضعين متساويين في الوضع مسكونا والآخر غير مسكون، وليس لذلك علة غير العناية الإلهية. وقيل: لمسامتة الطريقة المحترقة، والمراد بالطريقة المحترقة: ما بين هبوط النيرين، وهو من أثناء الميزان إلى أثناء العقرب، وهو أيضا تعليل ضعيف.
قال النصير: وهو من خرافات الإحكاميين، فصل الذي عليه اتفاق المشائين، وجمهور المنجمين: أن الأرض مقسومة بخمسة أقسام يفصلها دوائر
পৃষ্ঠা ৮