بالبحار، وقد استدلوا أن البحر غامر لثلاثة أرباع الأرض بأن قالوا: إن الله تعالى خلق كل عنصر بحالة لو استحال بكليته إلى العنصر الآخر كان بقدره، ولو لم يكن الماء غامرا لثلاثة أرباع الأرض لما كان من الكثرة بحالة لو استحال أرضا كان بقدرها؛ لأن الماء يصغر وينعصر حجمه إذا صار أرضا ولا يليق بهذا الكتاب بسط القول في العناصر أكثر من هذا القدر؛ فإن ذلك أليق بالكتب الحكمية، وفيما أوردنا الكفاية لما نحن بصدده.
قالوا: والبحار العظيمة المشهورة خمسة:
البحر المحيط، وبحر الصين وبحر الروم، وبحر نيطش، وبحر الخزر. ولأصحاب الجغرافيا اصطلاح في تعريف البحور فيقولون: يمتد كالقوارة وكالشابورة وكالطيلسان ونحو ذلك. وقد صورنا ذلك وكتبنا الأسماء التي اصطلح عليها أهل الصناعة وهي هذه، والخور: كل خليج يمتد من البحر إلى بعض النواحي. والمجرى: ما يقطعه المركب في يوم وليلة بالريح الطيب.
ذكر البحر المحيط:
نحن إذا عرفنا البحر إنما نعرفه بجوانب الأرض التي قد أحاط بها وقد نعرف بعض جوانب الأرض بالبحر المحيط بها، ولكن البعض الذي يعرف به البحر غير البعض الذي نعرفه بالبحر فلا دور، وإنما سمي محيطا لإحاطته بجميع القدر المكشوف من الأرض، ولهذا كان يسميه أرسطو الإكليلي؛ لأنه حول الأرض كالإكليل على الرأس، ولنبتدئ فنذكره من الجانب الغربي، ثم نذكر إحاطته من الجهة الجنوبية ثم من الجهة الشرقية ثم الشمالية ثم الغربية من حيث ابتدأنا فنقول: إن جانب المحيط الغربي الذي على ساحله بلاد الغرب يسمى أوقيانوس، وفيه الجزائر الخالدات وهي واغلة فيه عن ساحله عشر درجات، وقوم ابتدءوا بأطوال الأماكن من الجزائر المذكورة، وقوم ابتدءوا من الساحل على ما تقدمت الإشارة إليه، والبحر المحيط المذكور يأخذ في الامتداد من سواحل بلاد المغرب الأقصى إلى جهة الجنوب حتى يتجاوز صحراء لمتونة: وهي براري للبربر بين طرف بلاد المغرب وبين أطراف
পৃষ্ঠা ২৩