وأما اليونانيون: فقد انقطع العمران في جانبهم ببحر أوقيانوس، فلما لم يأتهم خبر إلا من جزائر فيه غير بعيدة عن الساحل، ولم يتجاوز المخبرون عن الشرق ما يقارب نصف الدور جعلوا العمارة في أحد الربعين الشماليين لا أن ذلك موجب أمر طبيعي، فمزاج الهواء الواحد لا يتباين؛ ولكن أمثاله من المعارف موكول إلى الخبر من جانب الثقة، فكان الربع دون النصف هو ظاهر الأمر، والأولى بأن يؤخذ به إلى أن يرد لغيره خبر طارئ، وطول العمارة على ذلك أوفر من عرضها لتعطل العمارة في الشمال بالبرد عند ثلثي ربع الدور بالتقريب. والهند سموا بر الأرض بلغتهم سلحفاة من أجل إحاطة الماء بحواشيه وبروزه مقببا منه، وخاصة إذا اعتقدوا أن هذا البارز نصف كرة.
قال: وإنما سمي بحر أوقيانوس الغربي محيطا لأن ساحله يأخذ من أقصى المنتهى في الجنوب محاذيا لأرض السودان، مارا على حدود أودغست، والسوس الأقصى، وطنجة، وتأهرت، ثم الأندلس وجليقية والصقالبة، وينعطف إلى العمران من ناحية الشمال، ويمتد من هناك أيضا وراء الجبال غير المسلوكة والأراضي غير المسكونة من شدة البرد، ويمر نحو المشرق غير مشاهد، والبحر الشرقي الذي عنده منتهى العمارة في تلك الناحية غير محصل كتحصيل أوقيانوس؛ من أجل بعد المشقة وعدم الفوز بمن يتحقق الأمر منه، ولكنه بالجملة يمتد من الجنوب على مثال أوقيانوس نحو الشمال فيقال: إنه يحد بالممتد وراء ما ذكرنا من الجبال الصردة، ثم البحر الأعظم في جنوب الربع المسكون متصل بالبحر المحيط الشرقي، مسمى بما يوازيه في الساحل من الممالك أو حصل فيه من الجزائر، فيأخذ من أرض الصين إلى الهند إلى الزنج، وساحله من جانب الشمال ليس بمعمور، ومن جانب الجنوب غير معلوم، لم يقف عليه أحد من ركابه، ولم يخبر بشيء منه سكان الجزائر، ويدخل من هذا البحر في الحد الشرقي أعباب وألسنة وخلجان معروفة، وأعظمها خليج فارس: الذي على شرقي مبدئه أرض مكران، وعلى غربيه: أرض عمان، ثم
পৃষ্ঠা ১৫