الناسخ والمنسوخ للزهري المتوفى سنة ١٢٤ هـ
رواية أبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي
ويليه تنزيل القرآن بمكة والمدينة
1 / 1
المقدمة
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسوله العربي الأمين.
هذا كتاب آخر في الناسخ والمنسوخ، وهو رابع كتاب يصدر لنا في علم الناسخ والمنسوخ التي صدر منها،
١ - الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالى: لقتادة بن دعامة المتوفى سنة ١١٧ هـ.
٢ - المصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ: لابن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ هـ.
٣ - ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه: لابن البارزي المتوفى سنة ٧٣٨ هـ.
والكتاب الذي نقدمه اليوم روي عن الامام الزّهريّ المتوفى سنة ١٢٤ هـ وهو من أقدم الكتب في هذا الباب.
واخيرا أرجو أن يكون عملي خالصا لوجهه، والحمد لله على ما أنعم، انه نعم المولى ونعم النصير.
1 / 5
الزهري وكتابه
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله الأصغر بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرّة.
تابعي من أهل المدينة. ولد سنة ٥٨ هـ كان أوّل من دوّن الحديث وأحد أكابر الحفاظ والفقهاء، نزل الشام واستقر بها.
وكان ثقة كثير الحديث والعلم والرواية. كتب الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز إلى عماله: عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أحدا أعلم بالسنة الماضية منه.
وقال الليث بن سعد: ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب ولا أكثر علما منه.
توفي سنة ١٢٤ هـ (١).
_________
(١) ينظر:
الطبقات الكبرى (القسم المتمم) ١٥٧ - ١٨٦.
المعارف ٤٧٢.
حلية الأولياء ٣/ ٣٦٠.
طبقات الفقهاء ٦٣.
وفيات الأعيان ٤/ ١٧٧.
تأريخ الإسلام ٥/ ١٣٦.
تذكرة الحفاظ ١٠٧.
العبر ١/ ١٥٨.
ميزان الاعتدال ٤/ ٤٠.
غاية النهاية ٢/ ٢٦٢.
تهذيب التهذيب ٩/ ٤٤٥.
النجوم الزاهرة ١/ ٢٧٢.
خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٢/ ٤٥٧.
شذرات الذهب ١/ ١٦٢.
الأعلام ٧/ ٣١٧.
1 / 7
أمّا كتاب الناسخ والمنسوخ المنسوب إلى الزهري فقد وصل إلينا مع كتاب آخر ينسب إلى الزهري نفسه وهو تنزيل القرآن وقد نشر هذا الكتاب الأخير الدكتور صلاح الدين المنجد سنة ١٩٦٣ فله فضل السبق في ذلك.
والكتابان في مخطوطة واحدة تحتفظ بها دار الكتب المصرية تحت رقم ١٠٨٤ تفسير وهي صورة عن الأصل الموجود في جامعة برنستن بالولايات المتحدة في مجموعة يهودا (٢٢٨ - ٢).
وتقع هذه المصورة في ١٤ صفحة، وهي مكتوبة بخط نسخ قديم وليس عليها تأريخ النسخ ولا اسم الناسخ ومن المرجح انها من خطوط القرن السابع الهجري.
ويشمل كتاب تنزيل القرآن الصفحتين الأخيرتين فقط.
والكتابان برواية أبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلميّ المتوفى سنة ٤١٢ هـ (*).
_________
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الاسم ورد في المخطوط هكذا (أبي عبد الرحمن الحسين بن محمد السلميّ) وليس في السلميين من اسمه (الحسين بن محمد)، فرحج الدكتور حاتم الضامن - كما ترى - أنه (محمد بن الحسين المتوفى ٤١٢ هـ)،والله أعلم [هذا التعليق مستفاد من ط دار ابن القيم ودار ابن عفان تحقيق مصطفى الأزهري]
1 / 8
والرواية عن الزهري جاءت عن طريق الوليد بن محمد الموقري المتوفى سنة ١٨٢ هـ وهو من تلاميذه إلّا أنّه متروك الحديث لا يجوز الاحتجاج به.
ويبقى الشكّ في نسبة الكتاب إلى الزهري قائما والله تعالى أعلم، والحمد لله أولا وآخرا.
1 / 9
صفحة العنوان
1 / 10
الصفحة الأولى
1 / 11
الصفحة الاخيرة
1 / 12
الناسخ والمنسوخ للزهري المتوفى سنة ١٢٤ هـ
رواية أبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي
ويليه تنزيل القرآن بمكة والمدينة
1 / 13
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ الإمام العالم الأوحد الورع زين الدين واعظ المسلمين أبو الحسن ابن إبراهيم بن غنائم بن نجا الأنصاري قال: أخبرنا الشيخ الإمام الجليل عمدة الملك أبو البركات المقرئ المعروف بالشهرزوري قال: ثنا الشيخ الإمام ابو سعد ابن عثمان بن محمد العجلي قال: ثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين الثقفي، ثنا أحمد بن محمد الصرصري، ثنا أبو طلحة أحمد بن محمد بن يوسف ابن مسعدة الفزاري قال: ثنا أبو اسحاق إبراهيم بن الحسين بن علي الهمذاني
سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، قال: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين (١)، ثنا سفيان ابن سعيد الثوري (٢)، ثنا أبو حصين (٣) قال: ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلميّ (٤) قال: مرّ عليّ بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، بقاص يقصّ على الناس فقال له: علمت الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا. فقال له عليّ، ﵇: هلكت وأهلكت (٥).
_________
(١) ت نحو ٢١٨ هـ. (تهذيب التهذيب ٨/ ٢٧٠).
(٢) ت ١٦١ هـ. (تهذيب التهذيب ٤/ ١١١).
(٣) عثمان بن عاصم بن حصين الاسدي الكوفي، ت ١٢٧ هـ. (تهذيب التهذيب ٧/ ١٢٦).
(٤) ت نحو ٧٤ هـ. (نكت الهميان ١٧٨، الخلاصة ٢/ ٤٨). وجاء في الاصل: الحسين بن محمد السلمي، وهو خطأ وما اثبتناه هو الصواب.
(٥) النحاس ٥، ابن الجوزي ١٣.
1 / 15
وحدّثنا موسى بن إسماعيل (٦)، ثنا حمّاد (٧) عن عطاء بن السائب (٨) عن [أبي] البختري (٩) قال: مرّ عليّ، ﵇، بمسجد الكوفة فرأى قاصّا يقصّ على الناس فقال: من هذا؟ فقالوا: رجل يحدّث الناس. فقال عليّ، ﵇: هذا يقول: اعرفوني اعرفوني أنا فلان بن فلان. ثمّ قال: اسألوه هل يعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقالوا له: أمير المؤمنين يقول لك: تعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا. فقال عليّ؛ فلا يرجع يحدّث حديثا (١٠).
ثنا شعبة قال: ثنا أبو الوليد قال: أخبرني أبو الحصين قال: سمعت أبا عبد الرحمن السلميّ يقول: قال علي بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، لرجل يقصّ على الناس: هل تعلم الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا. فقال: هلكت وأهلكت (١١).
حدثنا أبو نعيم [عن] سلمة (١٢) قال: ثنا نبيط بن شريط (١٣)، ثنا الضحّاك ابن مزاحم (١٤) قال؛ مرّ ابن عبّاس بقاص يقصّ فوكزه برجله ثم قال له: هل تدري الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا. فقال له: هلكت وأهلكت (١٥).
_________
(٦) ت ٢٢٣ هـ. (تهذيب التهذيب ١٠/ ٣٣٣).
(٧) حماد بن سلمة، ت ٧٩ هـ. (تهذيب التهذيب ٣/ ١١).
(٨) ت ١٣٧ هـ. (تهذيب التهذيب ٧/ ٢٠٣).
(٩) سعيد بن فيروز، ت ٨٣ هـ. (تهذيب التهذيب ٤/ ٧٣).
(١٠) النحاس ٥، نواسخ القرآن ١٠٥.
(١١) ابن سلامة ٤.
(١٢) سلمة بن نبيط. (تهذيب التهذيب ٤/ ١٥٨، الكواكب النيرات ٢٣٥).
(١٣) صحابي. (الإصابة ٦/ ٤٢٢).
(١٤) تابعي، ت ١٠٢ هـ. (المعارف ٤٥٧).
(١٥) ابن حزم ٦.
1 / 16
وبه ثنا مسدّد (١٦)، ثنا حميد الحماني عن سلمة بن نبيط عن الضحاك قال: ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ﴾ (١٧)، ثم قال: ﴿ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾ (١٨)، ﴿وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ﴾ (١٩) فقال: هو ما قد نسخ.
وثنا مسدّد قال: ثنا عبد الوارث (٢٠) عن حميد الأعرج (٢١) عن مجاهد (٢٢): أَوْ نُنْسِها، قال نبدّل حكمها ونثبت خطّها.
_________
(١٦) مسرد بن مسرهد البصري، ت ٢٢٨ هـ. (تهذيب التهذيب ١٠/ ١٠٧).
(١٧) آل عمران ٧.
(١٨) البقرة ١٠٦.
(١٩) آل عمران ٧. وقول الضحاك في تفسير الطبري ٣/ ١٧٣.
(٢٠) عبد الوارث بن سعيد، ت نحو ١٨٠ هـ. (تهذيب التهذيب ٦/ ٤٤١).
(٢١) ت ١٣٠ هـ. (تهذيب التهذيب ٢/ ٤٧).
(٢٢) مجاهد بن جبر، تابعي، ت ١٠٣ هـ. (غاية النهاية ٢/ ٤٤). وقوله في تفسير الطبري ١/ ٤٧٥.
1 / 17
أول الناسخ ما رواه محمد بن مسلم الزهري
ثنا إبراهيم، ثنا أبو يزيد، هو محمد بن يزيد الهذلي، ثنا الوليد بن محمد الموقري الأموي المديني قال: حدثني محمد بن مسلم الزهري قال: هذا كتاب منسوخ القرآن. قال الله تعالى: ﴿ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها﴾ (٢٣). وقال ﷿: ﴿وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ﴾ (٢٤). وقال تعالى: ﴿يَمْحُو اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ﴾ (٢٥).
وثنا إبراهيم، قال: ثنا أبو يزيد، ثنا الوليد بن محمد قال: حدثني محمد ابن مسلم الزهري قال: أوّل ما نسخ من القرآن من سورة البقرة القبلة. كانت نحو بيت المقدس، تحولت نحو الكعبة، فقال الله ﷿: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (٢٦). نسخ بقوله تعالى: ﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ (٢٧).
_________
(٢٣) البقرة ١٠٦.
(٢٤) النحل ١٠١.
(٢٥) الرعد ٣٩. وفي الأصل: يمح. و(يثبت) ساقطة من الأصل.
(٢٦) البقرة ١١٥.
(٢٧) البقرة ١٤٤.
1 / 18
وأيضا في آية الصوم قال الله تعالى: ﴿فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾ (٢٨) و(مسكين) رواية. فكان أول الإسلام من شاء صام، ومن شاء افتدى بطعام مسكين. وقال فيها: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. نسخ منها: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (٢٩).
وقال أيضا: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (٣٠). كانوا في أوّل الصيام إذا صلّى الناس العتمة ونام أحدهم حرم عليه الطعام والشراب والنساء، وصلوا (٦) الصيام حتى الليلة المقبلة.
فاختان رجل نفسه فجامع أهله بعد ما صلّى العتمة فنسخ ذلك فقال: ﴿عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ﴾ (٣١). وهو عمر ابن الخطّاب، ﵁، وامرأته الأنصارية أم عاصم بن عمر واسمها جميلة بنت أبي عاصم الذي حماه الدّبر أن يؤخذ رأسه وقتلوا يومئذ أبا الجيلان بن هذيل وأسروا خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة، فنسخ شأن الصوم والنساء فقال تعالى: ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ
_________
(٢٨) البقرة ١٨٤.
(٢٩) البقرة ١٨٥.
(٣٠) البقرة ١٨٣. وفي الأصل: الصوم.
(٣١) البقرة ١٨٧. وينظر: أسباب النزول ٤٥.
1 / 19
الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (٣٢).
والذي أنزلت فيه آية الصوم هو صرمة بن أبي أياس، غلبته عينه فنام فحرم عليه الطعام والشراب حتى الليلة المقبلة فأنزل الله ﷿ الرخصة في الصوم والفرح والنسوة، وذلك [قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ﴾ (٣٣).
قوله تعالى: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالأقربين﴾ (٣٤). نسخت بآية الميراث (٣٥).
وقوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحًا﴾ (٣٦).
وذلك أنّ الرجل كان إذا طلّق زوجته كان أحقّ بردّها إن كان قد طلّقها ثلاثا. فلمّا أنزل الله ﷿: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ﴾ (٣٧). فضرب الله حينئذ أجلا لمن مات أو لمن طلّق.
فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجًا وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ
_________
(٣٢) البقرة ١٨٧.
(٣٣) من ابن سلامة ١٨ وابن الجوزي ١٨.
(٣٤) البقرة ١٨٠. وينظر: الوسيط في تفسير القرآن المجيد ١/ ٢٥٩.
(٣٥) الآية ١١ من النساء. وينظر: قتادة ٣٥، ابن سلامة ١٦.
(٣٦) البقرة ٢٢٨.
(٣٧) البقرة ٢٢٩.
1 / 20
مَتاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ﴾ (٣٨). فنسخها بآية الميراث التي فرض لهنّ فيها الربع والثّمن.
وقال تعالى: ﴿وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ﴾ (٣٩). فنسخ منها (٧) ما أحلّ من المشركات من نساء أهل الكتاب من اليهود والنصارى في النكاح.
وقال الله ﷿: ﴿وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ (٤٠).
وقال تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها﴾ (٤١). فيما فرض ان لم يستطع الحج ولا الجهاد أو لم يستطع أن يصلي قائما فيصلي جالسا. قال تعالى:
﴿وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ﴾ (٤٢) نسخت بقوله تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ
_________
(٣٨) البقرة ٢٤٠.
(٣٩) البقرة ٢٢١.
(٤٠) البقرة ٢٢٩.
(٤١) البقرة ٢٨٦.
(٤٢) البقرة ٢٨٤.
1 / 21
اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (٤٣) أي لا يكتب على أحد إلّا ما فعل وما عمل.
وقال في سورة النساء: ﴿وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ﴾ (٤٤). نسختها آية الميراث فيأخذ كلّ نفس ما كتب لها.
وفي أموال اليتامى قال: ﴿وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (٤٥).
نسخت بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْمًا إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ (٤٦).
وقال تعالى: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾ ... إلى قوله: ﴿سَبِيلًا﴾ (٤٧).
_________
(٤٣) البقرة ٢٨٦.
(٤٤) النساء ٨.
(٤٥) النساء ٦. وفي الأصل: فمن.
(٤٦) النساء ١٠.
(٤٧) النساء ١٥.
1 / 22
وهذه المرأة وحدها ليس معها رجل، فقال رجل كلاما، فقال الله ﷿: ﴿واللذان يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما﴾ (٤٨). أي فاعرضوا عن عذابهما.
وقال: لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ (٤٩).
قال أبو يزيد: بلغني أنّ الرجل كان في الجاهليّة لا يورّث امرأة أبيه، لا يورّثها من الميراث شيئا حتى تفتدي ببعض ما أعطوها.
قال ابن شهاب: فوعظ الله سبحانه في ذلك عباده المؤمنين ونهاهم عنه.
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمانُكُمْ (٨) فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ (٥٠).
قيل إنّ الرجل أول ما نزل رسول الله، ﷺ، المدينة يحالف الرجل: إنّك ترثني وأرثك.
فنسخها الله ﷿ بقوله: ﴿وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (٥١).
_________
(٤٨) النساء ١٦.
(٤٩) النساء ١٩. وفي الاصل: ولا يحل.
(٥٠) النساء ٣٣. وفي المصحف الشريف: عقدت: ينظر: السبعة في القراءات ٢٣٣. [قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوعة، عقدت كما هي بالمصحف، فالصواب ما أثبت ولهذا علق عليه المحقق بما قال]
(٥١) الأنفال ٧٥.
1 / 23
وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ﴾ (٥٢).
وقال تعالى: ﴿يسألونك عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما﴾ (٥٣).
فنسخها الله ﷿ بقوله سبحانه: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (٥٤).
وقال تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ﴾ ... إلى قوله: ﴿سُلْطانًا مُبِينًا﴾ (٥٥).
وقال تعالى: ﴿لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ
_________
(٥٢) النساء ٤٣.
(٥٣) البقرة ٢١٩.
(٥٤) المائدة ٩٠.
(٥٥) النساء ٩٠ - ٩١.
1 / 24
دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (٥٦).
وقال تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ (٥٧) وهم بنو ضمرة بن بكر قد عاقد عليهم مخشيّ بن حويل: إنا نأمنكم وتأمنونا حتى ندبر وننظر في الأمر (٥٨).
نسخ هؤلاء الأربعة، فقال تعالى: ﴿بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ﴾ (٥٩). فجعل لهم أجلا أربعة أشهر يسيحون في الأرض. ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [وَخُذُوهُمْ وَاقْعُدُوا (٩) لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٦٠).
_________
(٥٦) الممتحنة ٨ - ٩.
(٥٧) التوبة ٧.
(٥٨) ينظر: الطبقات الكبرى ٢/ ٨، تفسير الطبري ١٠/ ٨١، تفسير القرطبي ٨/ ٧٨.
(٥٩) التوبة ١ - ٢.
(٦٠) التوبة ٥.
1 / 25