[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) بعد ذكر جهنم أليس يدل ذلك على أن كل من يحشر يرد النار فكيف يصح ذلك في أهل الثواب.
وجوابنا أنه بمعنى القرب منها لا بمعنى الوقوع فيها كقوله تعالى في قصة موسى (ولما ورد ماء مدين) وهذه طريقة العرب في الورود بمعنى القرب ولذلك قال بعده (ثم ننجي الذين اتقوا) لانهم إذا قربوا سلك بأهل الثواب مسلك الجنة وأدخل أهل العقاب النار ولا بد أن يتأول على ما ذكرناه فإنه تعالى بين أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ومن هذه حالته لا يجوز أن يلقى في النار ويظن به ذلك وبين تعالى بعده بقوله (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى) أنه عز وجل يخص المهتدي بألطاف من حيث آمن واهتدى وأن ذلك يؤديه الى الباقيات الصالحات. وذكر قبله (قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا) أنه تعالى يبقيهم ليزولوا عن الضلالة ويفعل بالمهتدين الهدى ليثبتوا على الايمان.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا) كيف يصح قولكم أنه تعالى زجرهم عن الكفر بأقوى زجر وعن القبول من الشيطان وهو يقول ذلك.
وجوابنا أن المراد خلينا بين الشيطان وبينهم ولم يمنع من ذلك لما فيه من المصلحة وعلى هذا الوجه يقال فيمن ربط الكلب على باب داره ولم يمنعه من الوثوب على من زاره قد أرسلت كلبك على الناس وفي قوله (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا) دلالة قوية على ما تأولنا عليه قوله تعالى (وإن منكم إلا واردها.)
[مسألة]
পৃষ্ঠা ২৫০