وربما قيل في قوله تعالى (وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله) كيف يصح ذلك ومعلوم من حالهم انهم ماتوا ولم يمسهم من العذاب ما ذكره تعالى. وجوابنا أنه أخبر عن المستقبل ولم يذكر الله ان ذلك يمسهم في الدنيا.
فالمراد انه يمسهم ان ثبتوا على الكفر العذاب الأليم في الآخرة وان تابوا أزال ذلك عنهم وقد قيل ان المراد بذلك ما ينالهم من الذل والجزية وغيرهما لان ذلك صغار وعذاب.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام) ما الفائدة في ذلك. وجوابنا انه بين بذلك أنه رسوله لا معبود ولا إله لان من جاز ذلك عليه واحتاج الى الطعام لا يجوز أن يكون إلها معبودا. فبين بذلك بطلان قول النصارى ولذلك قال بعده (انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون) ثم قال بعده أيضا (قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا) ثم قال بعده (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل) وكل ذلك يبين صحة ما قلنا وعظم تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله جل وعز (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه) الى آخر الآيات ثم عظم اثم من يتولى أعداء الله بقوله جل وعز (ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون) ثم قال تعالى (ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء) فدل بكل ذلك على ما يجب من تولي المؤمنين ومعاداة الكافرين والفاسقين.
পৃষ্ঠা ১২২