وربما قيل في قوله تعالى (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت) كيف يصح وصف من تقدم ذكره من أهل الكتاب والمنافقين بذلك ولم يكن فيهم من يعبد الطاغوت. وجوابنا انه تعالى قد ذكر من قبل أهل الكتاب بقوله (من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء) فلا يمتنع أن يرجع هذا الوصف اليهم ويحتمل في الطاغوت أن يراد به شياطين الانس والجن فقد كان فيهم من يضل العوام ويدعوهم الى الكفر ومن يطع هؤلاء يسمى عابدا له كما قال تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) لما أطاعوهم.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم) كيف يصح ذلك وليس فيهم من يقول هذا القول لا على ظاهره ولا على وجه التخيل. وجوابنا ان في التوراة أن قوما منهم كانوا يستبطئون الرزق من جهة الله تعالى وينسبونه الى البخل ففيهم نزلت هذه الآية. فبين تعالى ان يده مبسوطة العطاء والافضال والرزق لكنه ينفق كيف شاء بحسب المصلحة، ولم يرد تعالى بذكر اليدين الجارحة ولا صفة مجهولة كما يذهب اليه المشبهة بل أراد تعالى النعم وانما ثنى ذلك لأنه أراد نعم الدنيا والدين والنعم الظاهرة والباطنة ولو أراد تعالى الجارحة لم يكن لذكر البسط والانفاق معنى لانه لا يثبت التكذيب في قولهم الا بالانفاق، فزال ما نسبوه اليه من البخل وليس للجارحة في ذلك مدخل.
[مسألة]
وربما قيل ما معنى قوله تعالى (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) وكيف يكون الاكل على هذا الوجه.
পৃষ্ঠা ১২০