তানজিহ আনবিয়া
تنزيه الأنبياء
ويقدر أي يوسع ويضيق وقال تعالى وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه أي ضيق والتضييق الذي قدره الله عليه هو ما لحقه من الحصول في بطن الحوت وما ناله في ذلك من المشقة الشديدة إلى أن نجاه الله تعالى منها وأما قوله تعالى فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فهو على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والخشوع له والخضوع بين يديه لأنه لما دعاه كشف ما امتحنه به وسأله أن ينجيه من الظلمات التي هي ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت وظلمة الليل فعل ما يفعله الخاضع والخاشع من الانقطاع والاعتراف بالتقصير وليس لأحد أن يقول كيف يعترف بأنه كان من الظالمين ولم يقع منه ظلم وهل هذا إلا كذب بعينه وليس يجوز أن يكذب النبي (ع) في حال خضوع ولا غيره وذلك أنه يمكن أن يريد بقوله إني كنت من الظالمين أي من الجنس الذي يقع منهم الظلم فيكون صدقا وإن ورد على سبيل الخضوع والخشوع لأن جنس البشر لا يمتنع منه وقوع الظلم فإن قيل فأي فائدة في أن يضيف نفسه إلى الجنس الذي يقع منهم الظلم إذا كان الظلم منتفيا عنه في نفسه قلنا الفائدة في ذلك التظاهر والتطأمن لله تعالى والتخاضع ونفي التكبر والتجبر لأن من كان مجتهدا في رغبة إلى ملك قدير فلا بد من أن يتطأطأ له ويجتهد له في الخضوع بين يديه ومن أكبر الخضوع أن يضيف نفسه إلى القبيل الذي يخطئون ويصيبون كما يقول الإنسان إذا أراد أن يكسر نفسه وينفي عنها دواعي الكبر والخيلاء إنما أنا من البشر لست من الملائكة وأنا ممن يخطئ ويصيب وهو لا يريد إضافة الخطاء إلى نفسه في الحال بل يكون الفائدة ما ذكرناها ووجه آخر وهو أنا قد بينا في قصة آدم (ع) لما تأولنا قوله تعالى ربنا ظلمنا أنفسنا أن المراد بذلك أنا نقصناها الثواب وبخسناها حظها منه لأن الظلم في أصل اللغة هو النقص والثلم ومن ترك المندوب إليه وهو لو فعله لاستحق الثواب
পৃষ্ঠা ১০০