তানজিহ আনবিয়া
تنزيه الأنبياء
يعلم أنهم لا يقدرون على ذلك وما أشبه هذا الكلام من ألفاظ التحدي لأن التحدي وإن كان بصورة الأمر فليس بأمر على الحقيقة ولا تصاحبه إرادة الفعل فكيف تصاحبه الإرادة والله تعالى يعلم استحالة وقوع ذلك منهم وتعذره عليهم وإنما التحدي لفظ موضوع لإقامة الحجة على المتحدى وإظهار عجزه وقصوره عما تحدي به وليس هناك فعل يتناوله إرادة والأمر بإلقاء الحبال والعصي بخلاف ذلك لأنه مقدور ممكن فليس يجوز أن يقال إن المقصود به هو أن يعجزوا عن إلقائها ويتعذر عليهم ما دعوا إليه فلم يبق بعد ذلك إلا أمر بشرط ويمكن أن يكون على سبيل التحدي بأن يكون دعاهم إلى الإلقاء على وجه يساوونه فيه ولا يخيلون فيما ألقوه من السعي والتصرف من غير أن يكون له حقيقة لأن ذلك غير مساو لما ظهر على يده من انقلاب الجماد حية على الحقيقة دون التخييل وإذا كان ذلك ليس في مقدورهم فإنما تحداهم به لتظهر حجته ويتوجه دلالته وهذا واضح وقد بين الله تعالى في القرآن ذلك بأوضح ما يكون فقال وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤ بسحر عظيم وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين مسألة فإن قيل فمن أي شيء خاف موسى (ع) حتى حكى الله تعالى عنه من الخيفة في قوله عز وجل فأوجس في نفسه خيفة موسى أوليس خوفه يقتضي شكه في صحة ما أتى به الجواب قلنا لم يخف من الوجه الذي تضمنه السؤال وإنما رأى من قوة التلبيس والتخييل ما أشفق عنده من وقوع الشبهة على من لم يمعن النظر فأمنه الله تعالى من ذلك وبين له أن حجته ستتضح للقوم بقوله تعالى
পৃষ্ঠা ৭১