তানজিহ আনবিয়া
تنزيه الأنبياء
تكن مؤثرة في إسقاط ذم ولا عقاب فإن قيل الظاهر من القرآن بخلاف ما ذكرتموه لأنه أخبر أن آدم (ع) منهي عن أكل الشجرة بقوله ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين وبقوله ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وهذا يوجب بأنه (ع) عصى بأن فعل منهيا عنه ولم يعص بأن ترك مأمورا به قلنا أما النهي والأمر معا فليسا يختصان عندنا بصيغة ليس فيها احتمال ولا اشتراك وقد يؤمر عندنا بلفظ النهي وينهى بلفظ الأمر وإنما يكون النهي نهيا بكراهة المنهي عنه فإذا قال تعالى لا تقربا هذه الشجرة ولم يكره قربها لم يكن في الحقيقة ناهيا كما أنه تعالى لما قال اعملوا ما شئتم وإذا حللتم فاصطادوا ولم يرد ذلك لم يكن أمرا فإذا كان قد صح قوله ولا تقربا هذه الشجرة إرادة لترك التناول فيجب أن يكون هذا القول أمرا وإنما سماه منهيا عنه وسمى أمره له بأنه نهي من حيث كان فيه معنى النهي ترغيبا في الامتناع من الفعل وتزهيدا في الفعل نفسه ولما كان الأمر ترغيبا في الفعل المأمور به وتزهيدا في تركه جاز أن يسمى نهيا وقد يتداخل هذان الوصفان في الشاهد فيقول أحدنا قد أمرت فلانا بأن لا يلقى الأمير وإنما يريد أنه نهاه عن لقائه ويقول نهيتك عن هجر زيد وإنما معناه أمرتك بمواصلته فإن قيل ألا جعلتم النهي منقسما إلى منهي قبيح ومنهي غير قبيح بل يكون تركه أفضل من فعله كما جعلتم الأمر منقسما إلى واجب وغير واجب قلنا الفرق بين الأمرين ظاهر لأن انقسام المأمور به في الشاهد إلى واجب وغير واجب غير مدفوع ولا خلاف وليس يمكن أحدا أن يدفع أن في الأفعال الحسنة التي يستحق بها المدح والثواب ما له صفة الوجوب وفيها ما لا يكون كذلك فإذا كان الواجب مشاركا للندب في تناول الإرادة له واستحقاق الثواب والمدح به فليس يفارقه إلا بكراهة الترك لأن الواجب تركه مكروه والنفل ليس كذلك فلو جعلنا
পৃষ্ঠা ১১