فالأنبياء عليهم السلام أولى بهذا الترك لا محالة كيف وقد أثنى الله تعالى عليه ونزهه بقوله عندما قالت {هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون} فهذا مما يدل على أنه تركها من أجل الله وأنه مأجور في تركها
وإذا كان هذا فلا ذنب ولا عتب يلحق يوسف عليه السلام صغيرا ولا كبيرا بل يكون مأجورا في الترك
فهذه أقوال تشاكه الصواب وتليق بالأكابر
والأظهر القول الأخير من هذه الأقوال لكونه معضودا بالخبر والآية
والله أعلم
فإن قيل فإذا لم يتصور في حق يوسف عليه السلام ذنب ولا عتب فلأي شيء قال بعدما أنصفته امرأة العزيز وأقرت بفعلها {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي}
قلنا ومن أين لك أن تقول إنه قالها والآية تقتضي أنها من قول امرأة العزيز وذلك أنه لما تأدب معها بآداب الأحرار حيث قال لرسول الملك {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} فخلطها معهن وذكر فعلهن وأضرب عن ذكر فعلها تناصفت هي وأقرت بأنها راودته فقالت {وما أبرئ نفسي}
على أنه لو ثبت أنه قالها لخرجت له أحسن مخرج وذلك أنه لما
পৃষ্ঠা ৪৮