جريب يراح النصف من ذلك ويكون النصف معمورا مع ما في الجميع من النخيل والكروم وسائر الأشجار وما يعمر دائما من الأرضين، ولم يزل السواد في ملك النبط والفرس مقاسمة الى أيام قباذ بن فيروز المالك، فإنه فرض على كل جريب درهمين وألزم الناس المساحة وأطلقوا في أملاكهم وكانوا ممنوعين منها الى وقت القسمة فهلك قبل إتمام ذلك فلما ملك أنوشروان بعده تممه وأخذ الناس به فارتفع أول سنة مائة ألف ألف وخمسين ألف ألف درهم من الدراهم التي وزن الدرهم منها مثقال، وقد كان خسرو أبرويز بن هرمز بن أنوشروان بن قباذ- اجتبى مملكته في سنة ثماني عشرة من ملكه وكان في يده السواد وأرض الأعاجم دون أعمال الغرب وكان حد مملكته إلى هيت وما وراء ذلك من الموصل والجزيرة والشام بيد الروم من الورق اربعمائة ألف ألف وعشرين ألف ألف مثقال يكون ذلك وزن سبعة ستمائة ألف ألف درهم وكثير من هذه النواحي اليوم على ما كانت عليه في ذلك الوقت لم يغز أرضوها ولم يبد ساكنوها وانما يحتاج أن يكون مع ملاكها ومدبريها تقى الله أولا ثم دراية ونجدة وعدل وعفة وسياسة حتى تستقيم الأمور وينتظم التدبير ويأتى من الأموال ما يسد به أركان الملك وتعمر به البلاد ويشحن به الثغور ويقمع به العدو إذ كان سلوك طريقة العدل يؤدى إلى طول المدة واتصال أيام الدولة وبالعدل ركب جميع العالم فلا جرم أنه لا يقوم الا بالحق وهو ميزان الرب في الأرض بين عباده فلذلك حكمته مبرأة من كل ميل وزلل، فمن بخسه بتر عمره وانقضت أيامه، وظلم الرعية، استجلاب البلية.
وكان السواد يعد في أيام الفرس اثنتي عشرة كورة، تسمي الكورة بلغتهم استان وطساسيجه ستون طسوجا في كل كورة عدة طساسيج وتفسير الطسوج الناحية ثم تغير ذلك على مر الأيام لانخراق دجلة وخروجها عن عمودها، وكان مجراها في جوخى وتغريقها طسوج الثرثور من بلاد كسكر وغيره حتى صارت
1 / 36