الخلاصة:
إن الرسم والضبط في القرآن الكريم، يقصد العلماء بهما رسم المصحف أو الرسم العثماني كما يسميه بعض منهم، وهما شيئان مرادفان للمصحف الإمام، وإن كان الضبط يدخل في شكل الكلمات وإعجامها.
الجمع الأول للقرآن الكريم:
وقد جمع القرآن الكريم في عهد الرسول قص حيث حظي بأوفى نصيب من عنايته ﷺ وأصحابه، فلم تصرفهم عنايتهم بحفظه واستظهاره، عن عنايتهم بكتابته وفهمه، ولكن بقدر ما كانت تسمح به وسائل الكتابة والتدوين وآليات وأدوات العصر. وبهذا أصبح للقرآن صورتان، صورة صوتية، وصورة مكتوبة.
فأما الصورة المكتوبة فاتخذ الرسول ﷺ في عهده كتابا للوحي يكتبون متى نزل عليه شيء من القرآن فكان ﷺ يأمرهم بكتابة ما ينزل عليه مبالغة في تدوينه وتقيده وزيادة في الوثوق والضبط، والاحتياط في كتاب الله العزيز حتى تعاضد الكتابة الحفظ ويظاهر التدوين اللفظ. وكان هؤلاء بحق من خيرة الصحابة منهم أبو بكر وعمر، وعثمان، وعلي، ومعاوية، وأبان بن سعيد، وأبي بن كعب، وخالد بن الوليد، وزيد بن ثابت، وثابت بن قيس١. وكان الرسول ﷺ يدلهم على موضع المكتوب من السورة فيكتبونه بما يتاح لهم من الوسائل، كالعسب، واللخاف، والرقاع وقطع الجلد والعظام، ثم يوضع المكتوب في بيت الرسول ﷺ.
الجمع الثاني للقرآن الكريم:
اهتم أبو بكر ﵁ برغبة عمر بن الخطاب ﵁ لأنه كان صاحب فكرة جمع القرآن على عهد أبي بكر. وكلف بجمعه الصحابي الجليل زيد بن
_________
١ في صحبة النبي: محمد صالح البنداق ص١٠٩-١٢١، ط١. ١٣٩٨/ ١٩٧٨. دار الآفاق الجديدة بيروت.
1 / 473