الأول : أن قوله : (( ليبلغوا الدعوة )) يقتضي أن فائدة الرسل هي تبليغ الدعوة ، مع أن فائدة الإرسال في الحقيقة : هي قطع العذر والحجة ، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .
أجيب عن هذا بأن قيل : تبليغ الدعوة للعباد يستلزم قطع العذر والحجة لهم ، فاكتفى الناظم - رحمه الله - بذكر التبليغ عن ذكر قطع العذر والحجة ، وهذا من باب الاجتزاء بالسبب عن المسبب ؛ لأن التبليغ سبب قطع العذر والحجة(¬1).
الثاني : من جهة التكرار ، وذلك أن الشطر الثاني تكرار للشطر الأول ، لأن مقتضى الشطرين واحد في المعنى ، لأن الدعوة معناها الأوامر والنواهي التي كلف الله بها عباده(¬2).
أجيب عن هذا بأن قيل : الشطر الأول راجع إلى التجميل(¬3)، والشطر الثاني راجع إلى التفصيل ، فكأنه يقول : ليبلغوا الدعوة إلى العباد مجملة ثم يوضحها مفصلة ؛ لأن الرسل - عليهم السلام - يبينون معنى الكتب ، فيبينون ما أجمل فيها ويفسرون للعباد ما أبهم فيها ، ويخصصون العام ويقيدون المطلق ، وما في معنى ذلك ، ويدل على هذا قوله تعالى : { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم }(¬4)، والعلماء يقولون : السنة تبين القرآن .
الثالث : من جهة التناقض ، وذلك أن قوله : (( ليبلغوا الدعوة للعباد )) يقتضي أنهم بلغوا الأوامر والنواهي ؛ لأن الدعوة تشملهما .
পৃষ্ঠা ৯৪