وحكي أن المعتمد بن عباد اللخمي - صاحب قرطبة وأشبيلية أنشد في مجلسه - يوما بيت المتنبي الذي من جملة قصيدته المشهورة، وهو (الطويل - قافية المتدارك):
إذا ظفرت منك العيون بنظرة...أثلب لها معيي المطي ورازمه
وجعل يردده استحسانا له، وفي مجلسه أبو محمد عبد الجليل بن وهبون الأندلس، فأشد ارتجالا: (من
الطويل قافية المتدارك):
لئن جاد شعرا بن الحسين، فإنما...تجيد العطايا واللها تفتح اللها
تنبأ عجبا بالقرض ولو درى...بأنك تروى شعره لتألها
قوله: (واللها تفتح اللها) هو مثل قديم، وقد نظمه أبو سعيد القصار في جعفر بن يحيى، فقال:
(مجزوء الخفيف - قافية المتدارك):
لابن يحيى مآثر...بلغت بي إلى السها
جاد شعري بجوده...واللها تفتح اللها
وأخبار المتنبي، وما جرياته كثيرة، وفيما أوردناه كفاية، ونشرع الآن في المقصود، فنقول :
المقدمة في
بيان حد الفصاحة
أعلم أن مبنى معايب الشعر ومحاسنه، والتمييز بين عذبه وأسنه، متوقف على معرفة الفصاحة،
وعدمها.
فما كان من الشعر مستوفيا لشروط الفصاحة فهو فصيح حسن. وما كان من الشعر خاليا من
شروطها، فهو معيب غير فصيح.
পৃষ্ঠা ১৪