وكان هذ العلم آنذاك شديد الغربة، ولست أبالغ اذا قلت: إنه كان أغرب من فرس بهماء بغلس!! وطفقت اسأل كل من ألقاه من إخوانى عن أحد من الشيوخ يشرح هذا العلم، أو يدلني عليه، فأشار على بعض إخوانى - وكان طالبا في كلية الهندسة - أن أحضر مجالس الشيخ محمد نجيب المطيعى رحمه الله تعالى وكان شيخنا ﵀ يلقى دروسه فى (بيت طلبة ماليزيا) بالقرب من ميدان (عبده باشا) ناحية العباسية، وكان يشرح أربع كتب، وهي (صحيح البخارى) و(المجموع) للنووى، و(الاشباه والنظائر) للسيوطى، (إحياء علوم الدين) للغزالى، فوجدت في هذه المجالس ضالتى المنشودة، ودرتى المفقودة، فلزمته نحو أربع سنوات حتى توقفت دروسه بعد الإعتقالات الجماعية التى أمر بها أنور السادات وأنتهي الامر بمقتله في حادث المنصة الشهير، ورحل الشيخ ﵀ إلى السودان، وظل هناك حتى توفى ﵀ بالمدينه ودفن فى البقيع كما قيل لى. ﵀ تعالي. وأتاحت لى هذه المجالس دراسة نبذ كثيرة من علمى أصول الحديث وأصول الفقه، ووالله! لا أشطط إذا قلت: إننى أبصرت بعد العمى لما درست هذين العلمين الجليلين، وأقرر هنا أن الجاهل بهذين العلمين لا يكون عالما مهما حفظ من كتب الفروع، لأن تقرير الحق في موارد النزاع لا يكون الا بهما، فعلم الحديث يصحح لك الدليل، وعلم أصول الفقه يسدد لك الفهم، فهما كجناحى الطائر. ولم يكدر علي متعتي بدروس الشيخ المطيعي ﵀ إلا حطه علي الشيخ الالباني صاحب الفضل على بعد الله ﷿، وكان ذلك بعد حادثة طويلة الزيل ملخصها: أمن شيخنا المطيعى ﵀ كان يتكلم عن قضاء