مُقَدّمَة الْمُؤلف
رب يسر بعونك. الْحَمد لله رب الْعَالمين، وَصلى الله على مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين، وعَلى آله الطيبين الطاهرين، وعَلى أَصْحَابه المنتخبين، وأزواجه الطاهرات أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا.
أما بعد فَهَذَا كتاب أذكر فِيهِ مصرع الإِمَام الشَّهِيد ذِي النورين عُثْمَان بن عَفَّان وأحواله وَبَعض سيرته متوخيا الْعدْل فِي ذَلِك من غير ميل وتعصب، بل اذكر مَا نَقله الْأَئِمَّة الْعلمَاء فِي كتبهمْ وتواريخهم مثل طَبَقَات أبي عبد الله مُحَمَّد بن سعد، وَكتاب الْفتُوح لسيف بن عمر التَّمِيمِي، وَكتاب الشَّرِيعَة لأبي بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْآجُرِيّ، وَكتاب المقتل لعمر بن شبة النميري، وَكتاب التَّارِيخ للشَّيْخ [عز الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن] عبد الْكَرِيم الْمَعْرُوف بِابْن الْأَثِير الْجَزرِي، وَغَيرهم من أَصْحَاب الْكتب الْمَشْهُورَة الموثوق بِصِحَّتِهَا. وَمن الله تَعَالَى، أَسْتَمدّ المعونة فِيمَا أقصده، فَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل.
وَقد جعلته اثْنَي عشر بَابا:
الْبَاب الأول: فِي ذكر نسبه وَأَوْلَاده وأزواجه.
1 / 17
الْبَاب الثَّانِي: فِي ذكر إِسْلَامه وهجرته.
الْبَاب الثَّالِث: فِي ذكر بيعَته وقصة الشورى.
الْبَاب الرَّابِع: فِي ذكر الْخَوْض فِي أمره وَمَا نقموه عَلَيْهِ. من الْأُمُور الَّتِي حدثت فِي خِلَافَته.
الْبَاب الْخَامِس: فِي ذكر من سَار إِلَيْهِ وحصره.
الْبَاب السَّادِس: فِي ذكر مَا قيل لَهُ فِي الْخلْع وَمَا قَالَ لَهُم.
الْبَاب السَّابِع: فِي ذكر قَتله وَمَوْضِع قَبره.
الْبَاب الثَّامِن: فِي مبلغ سنة وخلافته.
الْبَاب التَّاسِع: فِي ذكر صفته ولباسه.
الْبَاب الْعَاشِر /: فِي ذكر سيرته وفضائله.
الْبَاب الْحَادِي عشر: فِي ذكر مَا رثي بِهِ من الْأَشْعَار.
الْبَاب الثَّانِي عشر: فِي ذكر الْأَخْذ بثأره. وَالله الْمُوفق للصَّوَاب.
1 / 18
= التَّمْهِيد وَالْبَيَان فِي مقتل الشَّهِيد عُثْمَان
1 / 1
الْبَاب الأول
فِي ذكر نسبه وَأَوْلَاده وأزواجه هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف بن قصي ويلتقي نسبه بِنسَب رَسُول الله ﷺ فِي عبد منَاف وَأمه أروى بنت كريز بن ربيعَة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد منَاف بن قصي وَكَانَ يكنى فِي الْجَاهِلِيَّة أَبَا عَمْرو فَلَمَّا ولد لَهُ من رقية بنت رَسُول الله ﷺ غُلَام سَمَّاهُ عبد الله وإكتنى بِهِ فكناه الْمُسلمُونَ أَبَا عبد الله فَبلغ عبد الله سِتّ سِنِين فنقره ديك على عينه فَمَرض فَمَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع من الْهِجْرَة فصلى عَلَيْهِ رَسُول الله ﷺ
وَكَانَ لعُثْمَان ﵁ من غير رقية عبد الله الْأَصْغَر درج وَأمه فاخته بنت غَزوَان وَعمر وخَالِد وَأَبَان وَعمر وَمَرْيَم وأمهم أم عَمْرو بنت جُنْدُب بن عَمْرو والوليد بن عُثْمَان وَسَعِيد وَأم سعيد وأمهم فَاطِمَة بنت الْوَلِيد بن عبد شمس وَعبد الْملك بن عُثْمَان درج وَأمه أم الْبَنِينَ بنت عُيَيْنَة بن حصن وَعَائِشَة بنت عُثْمَان وَأم أبان وَأم عَمْرو وأمهن رَملَة بنت
1 / 19
شيبَة وَمَرْيَم بنت عُثْمَان وَأمّهَا نائلة بنت الفرافضة بن الْأَحْوَص وَأم الْبَنِينَ بنت عُثْمَان وَأمّهَا أم ولد وَهِي الَّتِي كَانَت عِنْد عبد الله بن يزِيد بن أبي سُفْيَان
وَتزَوج رقية بنت رَسُول الله ﷺ وَكَانَ قد تزَوجهَا عتبَة بن أبي لَهب قبل النُّبُوَّة فَلَمَّا بعث رسولالله ﷺ وَأنزل الله تَعَالَى ﴿تبت يدا أبي لَهب﴾ قَالَ لَهُ أَبوهُ أَبُو لَهب رَأْسِي من رَأسك حرَام إِن لم تطلق إبنته ففارقها وَلم يكن دخل بهَا وَأسْلمت حِين أسلمت أمهَا خَدِيجَة وبايعت هِيَ وَأَخَوَاتهَا فَتَزَوجهَا عُثْمَان رض = وَهَاجَرت مَعَه إِلَى أَرض الْحَبَشَة
وَلما توفيت رقية تزوج عُثْمَان أُخْتهَا أم كُلْثُوم وَكَانَ تزَوجهَا عتيبة بن أبي لَهب قبل النُّبُوَّة وفارقها وَلم يدْخل بهَا وَلم تزل مَعَ رَسُول الله ﷺ وَأسْلمت مَعَ أمهَا خَدِيجَة وبايعت رَسُول الله ﷺ فَتَزَوجهَا عُثْمَان رض = وَهِي بكر وَدخل بهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَة من سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة فَلم تزل عِنْده إِلَى أَن توفيت فِي شعْبَان من سنة سبع من الْهِجْرَة وَلم تَلد لَهُ شَيْئا وَكَانَ صَدَاقهَا خَمْسمِائَة دِرْهَم وَكَذَلِكَ صدَاق جَمِيع بَنَات النَّبِي ﷺ قيل أَنه لم يجمع أحد بَين بِنْتي نَبِي من لدن ادم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة غير عُثْمَان رض = وروى أَبُو بكر الْآجُرِيّ فِي = كتاب الشَّرِيعَة بِإِسْنَادِهِ عَن أبي عبد الرحمان الْكُوفِي قَالَ قَالَ لي حسن بن عَليّ الْجعْفِيّ يَا أَبَا عبد الرحمان لم سمي عُثْمَان بن عَفَّان ذَا النورين قلت وَالله لَا أَدْرِي قَالَ لم يجمع بَين ابْنَتي نَبِي إِلَّا عُثْمَان رض = ولهذه فَضِيلَة اكرمه الله بهَا مَعَ الكرامات الْكَثِيرَة والمناقب الْحَسَنَة الجميلة وَبشَارَة النَّبِي ﷺ لَهُ بِشَهَادَة وانه يقتل مَظْلُوما وَأمره لَهُ بِالصبرِ فَصَبر رض = حَتَّى قتل وحقن دماءالمسلمين
1 / 20
الْبَاب الثَّانِي
فِي ذكرإسلامه وهجرته رض =
قَالَ ابْن سعد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن صَالح عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ خرج عُثْمَان بن عَفَّان وَطَلْحَة بن عبيد الله على أثر الزبير بن الْعَوام ﵃ فدخلا على رَسُول الله ﷺ فَعرض عَلَيْهِمَا الْإِسْلَام وَقَرَأَ عَلَيْهِمَا الْقُرْآن وأنبأهما بِحُقُوق الْإِسْلَام ووعدهما الْكَرَامَة من الله فَآمَنا وصدقا فَقَالَ عُثْمَان رض = يَا رَسُول الله إِنِّي قدمت حَدِيثا من الشَّام فَلَمَّا كُنَّا بَين معَان والزرقاء فَنحْن كالنيام إِذا مُنَاد ينادينا أَيهَا النيام هبوا فَأن أَحْمد قد خرج بِمَكَّة فقدمنا فسمعنا بك وَكَانَ إِسْلَام عُثْمَان رض = قَدِيما قبل دُخُول رَسُول الله ﷺ دَار الأرقم
قَالَ واخبرنا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن حَارِث التَّمِيمِي عَن أَبِيه قَالَ لما أسلم عُثْمَان بن عَفَّان رض = أَخذ عَمه الحكم بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة فأوثقه رِبَاطًا وَقَالَ أترغب عَن مِلَّة آبَائِك إِلَى دين مُحدث وَالله لأحلك أبدا حَتَّى تدع مَا أَنْت عَلَيْهِ من هَذَا الدّين فَقَالَ عُثْمَان رض = وَالله لَا أَدَعهُ أبدا وَلَا أفارقه فَلَمَّا رأى الحكم
1 / 21
صلابته فِي دينه تَركه
قَالُوا وَكَانَ عُثْمَان رض = الله عَنهُ مِمَّن هَاجر من مَكَّة إِلَى أَرض الْحَبَشَة الْهِجْرَة الأولى والهج الثَّانِيَة وَمَعَهُ فيهمَا جَمِيعًا امْرَأَته رقية بنت رَسُول الله ﷺ وَقَالَ رَسُول الله ﷺ انهما لأوّل من هَاجر إِلَى الله بعد لوط ﵇
وَلما قدم عُثْمَان الْمَدِينَة نزل على أَوْس بنت ثَابت أخي حسان بن ثَابت من بني النجار وَلما اقْطَعْ رَسُول الله ﷺ الدّور بِالْمَدِينَةِ خطّ لعُثْمَان بن عَفَّان رض = الله عَلَيْهِ دارة وَلما آخى رَسُول الله ﷺ بَين الصَّحَابَة آخى بَين عُثْمَان بن عَفا وَبَين عبد الرحمان بن عَوْف ﵄ وآخى أَيْضا بَين عُثْمَان وَبَين أَوْس بن ثَابت ﵄ وَيُقَال بَين أبي عبَادَة سعد بن عُثْمَان الزرقي وَالله أعلم ٠
1 / 22
الْبَاب الثَّالِث
فِي كَيْفيَّة بيعَته وقصة الشورى
قَالَ ابْن سعد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي شُرَحْبِيل بن أبي عون عَن أَبِيه عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ إِن عمر بن الْخطاب رض = هُوَ صَحِيح يسْأَل أَن يسْتَخْلف فيأبى فَصَعدَ يَوْمًا الْمِنْبَر فَتكلم بِكَلِمَات وَقَالَ إِن مت فأمركم إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّة الَّذين فارقوا رَسُول الله ﷺ وَهُوَ عَنْهُم رَاض عَليّ بن أبي طَالب وَنَظِيره الزبير بن الْعَوام وَعبد الرحمان بن عَوْف وَنَظِيره عُثْمَان بن عَفَّان وَطَلْحَة بن عبيد الله وَنَظِيره سعد بن مَالك الا واني أوصيكم بتقوى الله فِي الحكم وَالْعدْل فِي الْقسم
١ - ذكر مقتل عمر رض = وَحَدِيث الشورى
عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ اني لقائم فِي الْمَسْجِد مَا بيني وَبَين عمر بن الْخطاب رض = إِلَّا عبد الله بن عَبَّاس ﵄ غَدَاة أُصِيب وَكَانَ إِذا مر بَين الصفين قَالَ اسْتَووا حَتَّى إِذا لم ير فيهم خللا تقدم وَكبر وَرُبمَا قَرَأَ سُورَة يُوسُف أَو النَّحْل أَو نَحْو ذَلِك فِي الرَّكْعَة الأولى حَتَّى يجْتَمع النَّاس
1 / 23
فَمَا هُوَ الا ان كبر فَسَمعته يَقُول قتلني أَو أكلني الْكَلْب حِين طعنه فَسَار العلج بسكين ذَات طرفين مَا يمر بِرَجُل يَمِينا وَلَا شمالا إِلَّا طعنه حَتَّى طعن ثَلَاثَة عشر رجلا مَاتَ مِنْهُم سَبْعَة قَالَ فَلَمَّا رأى ذَلِك رجل من الْمُسلمين طرح عَلَيْهِ برنسا فَلَمَّا ظن العلج أَنه مَأْخُوذ نحور نَفسه وَتَنَاول عمر يَد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فقدمه فَمن يَلِي عمر فقد رأى الَّذِي أرى وَأما نواحي الْمَسْجِد فَإِنَّهُم لَا يَدْرُونَ غير أَنهم فقدوا صَوت عمر وهم يَقُولُونَ سُبْحَانَ الله سُبْحَانَ ألله فصلى بهم عبد الرحمان بن عَوْف صَلَاة خَفِيفَة فَلَمَّا انصرفوا قَالَ يَا ابْن عَبَّاس انْظُر من قتلني فجال سَاعَة ثمَّ جَاءَ فَقَالَ غُلَام الْمُغيرَة قَالَ الصنع قَالَ نعم قَالَ قَاتله الله وَالله لقد أمرت بِهِ مَعْرُوفا الْحَد لله الَّذِي لم يَجْعَل ميتتي بيد رجل يَدعِي الْإِسْلَام ثمَّ قَالَ لإبن عَبَّاس وَقد كنت أَنْت وَأَبُوك تحبان أَن تكْثر العلوج بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ عَبَّاس أَكْثَرهم رَقِيقا فَقَالَ ان شِئْت فعلت أَي ان شِئْت قتلنَا قَالَ كذبت بعد مَا تكلمُوا وصلوا قبلتكم وحجوا حَجكُمْ فَاحْتمل إِلَى بَيته فَانْطَلَقْنَا مَعَه وَكَأن النَّاس لم تصبهم مُصِيبَة قبل يَوْمئِذٍ فَقَائِل يَقُول لَا بَأْس وَقَائِل يَقُول أَخَاف عَلَيْهِ فَدَعَا بنبيذ فشربه فَخرج من جَوْفه ثمَّ دَعَا بِلَبن فشربه فَخرج من جرحه فَعَلمُوا أَنه ميت فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَجَاء النَّاس يثنون عَلَيْهِ وَجَاء رجل شَاب فَقَالَ أبشر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ببشرى الله لَك من صُحْبَة رَسُول الله ﷺ وَقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت ثمَّ وليت فعدلت ثمَّ شَهَادَة قَالَ وددت أَن ذَلِك كفاف لَا عَليّ وَلَا لي فَلَمَّا أدبر إِذا إزَاره يمس الأَرْض قَالَ ردوا عَليّ الْغُلَام قَالَ ابْن آخى ارْفَعْ ثَوْبك فَإِنَّهُ أبقى لثوبك وَأتقى لِرَبِّك يَا عبد الله بن عمر انْظُر مَا عَليّ من الدّين فحسبوه فوجدوه سِتَّة وَثَمَانِينَ ألفا أَو نَحوه قَالَ إِن وفى لَهُ مَال آل عمر
1 / 24
فأده من أَمْوَالهم وَإِلَّا فسل فِي بني عدي بن كَعْب فَإِن لم تفي أَمْوَالهم فسل فِي قُرَيْش وَلَا تعدهم إِلَى غَيرهم فأد عني هَذَا المَال انْطلق إِلَى عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ فَقل يقْرَأ عَلَيْك عمر السَّلَام وَلَا تقل أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنِّي لست الْيَوْم للْمُؤْمِنين أَمِيرا وَقل يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب ان يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ فَسلم وَاسْتَأْذَنَ ثمَّ دخل عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَة تبْكي فَقَالَ يقْرَأ عَلَيْك عمر بن الْخطاب السَّلَام ويستأذن ان يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ فَقَالَت كنت أريده لنَفْسي ولأوثرن بِهِ الْيَوْم على نَفسِي فَلَمَّا أقبل قيل هَذَا عبد الله بن عمر قد جَاءَ قَالَ ارفعوني فأسنده رجل إِلَيْهِ فَقَالَ مَا لديك قَالَ الَّذِي تحب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَذِنت قَالَ الْحَمد لله مَا كَانَ من شَيْء أهم إِلَيّ من ذَلِك فَإِذا أَنا قضيت فاحملوني ثمَّ سلم فَقل يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب فَإِن أَذِنت لي فأدخلوني وَإِن ردتني ردوني إِلَى مَقَابِر الْمُسلمين وَجَاءَت أم الْمُؤمنِينَ حَفْصَة وَالنِّسَاء تسير مَعهَا فَلَمَّا رأيناها قمنا فولجت عَلَيْهِ فَبَكَتْ عِنْده سَاعَة وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَال فولجت دَاخِلا لَهُم فسمعنا بكاءها من الدَّاخِل فَقَالُوا أوص يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اسْتخْلف قَالَ مَا أجد أَحَق بِهَذَا الْأَمر من هَؤُلَاءِ النَّفر أَو الرَّهْط الَّذين توفّي رَسُول الله ﷺ وَهُوَ عَنْهُم رَاض فَسمى عليا وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وسعدا وَعبد الرَّحْمَن وَقَالَ يشهدكم عبد الله بن عمر وَلَيْسَ لَهُ من الْأَمر شَيْء كَهَيئَةِ التَّعْزِيَة لَهُ فَإِن أَصَابَت الإمرة سَعْدا فَهُوَ ذَاك وَإِلَّا فليستعن بِهِ أَيّكُم مَا أَمر فَإِنِّي لم أعزله عَن عجز وَلَا خِيَانَة ثمَّ قَالَ أوصِي الْخَلِيفَة من بعدِي بالمهاجرين الْأَوَّلين ان يعرف لَهُم حَقهم ويحفظ لَهُم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا الَّذين تبوؤا الدَّار وَالْإِيمَان من قبلهم ان يقبل من محسنهم وان يعفوا عَن مسيئهم وأوصيه بِأَهْل الْأَمْصَار خيرا فَإِنَّهُم ردء الْإِسْلَام وجباة المَال وغيظ الْعَدو والا يُؤْخَذ مِنْهُم إِلَّا فَضلهمْ عَن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيرا فَإِنَّهُم أصل الْعَرَب ومادة الْإِسْلَام ان يُؤْخَذ من حَوَاشِي أَمْوَالهم وَيرد على فقرائهم وأوصيه بِذِمَّة الله وَذمَّة رَسُول الله ﷺ أَن يُوفي لَهُم بعدهمْ وَأَن يُقَاتل من ورائهم وَألا يكلفوا إِلَّا طاقتهم فَلَمَّا قبض خرجنَا بِهِ فَانْطَلَقْنَا نمشي فَسلم
1 / 25
عبد الله بن عمر قَالَ يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب قَالَت أدخلوه فَادْخُلْ فَوضع هُنَالك مَعَ صَاحِبيهِ فَلَمَّا فرغ من دَفنه أجتمع هَؤُلَاءِ الرَّهْط فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أجعلوا أَمركُم إِلَى ثَلَاثَة مِنْكُم فَقَالَ الزبير قد جعلت أَمْرِي إِلَى عَليّ فَقَالَ طَلْحَة قد جعلت آمري إِلَى عُثْمَان وَقَالَ سعد قد جعلت آمري إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ عبد الرَّحْمَن آيكما تَبرأ من هَذَا الْأَمر فنجعله إِلَيْهِ وَالله عَلَيْهِ وَالْإِسْلَام لينظرن أفضلهم فِي نَفسه فأسكت الشَّيْخَانِ فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أفتجعلونه إِلَيّ وَللَّه عَليّ أَلا آلو عَن أفضلكم قَالَا نعم فَأخذ بيد أَحدهمَا فَقَالَ لَك قرَابَة من رَسُول الله ﷺ والقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت فَالله عَلَيْك لَئِن أَمرتك لتعدلن وَلَئِن امرت عُثْمَان لتسمعن ولتطيعن ثمَّ خلا بِالْآخرِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك فَلَمَّا أَخذ الْمِيثَاق قَالَ ارْفَعْ يدك يَا عُثْمَان فَبَايعهُ وَبَايع لَهُ عَليّ وولج أهل الدَّار فَبَايعُوهُ قَالَ ابْن سعد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي الضَّحَّاك بن عُثْمَان بن عبد الْملك بن عبيد عَن عبد الرحمان بن سعد بن يَرْبُوع أَن عمر حِين طعن قَالَ ليصل لكم صُهَيْب ثَلَاثًا وَتَشَاوَرُوا فِي أَمركُم وَالْأَمر إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّة فَمن بعل أَمركُم فاضربوا عُنُقه يَعْنِي من خالفكم قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر حَدثنِي مُوسَى عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس بن مَالك قَالَ أرسل عمر بن الْخطاب إِلَى أبي طَلْحَة قبل أَن يَمُوت بساعة فَقَالَ يَا أَبَا طَلْحَة كن فِي خمسين من قَوْمك من الْأَنْصَار مَعَ هَؤُلَاءِ النَّفر أَصْحَاب الشورى فَلَا تتركهم يمْضِي الْيَوْم الثَّالِث حَتَّى يؤمروا أحدهم اللَّهُمَّ أَنْت خليفتي عَلَيْهِم قَالَ حَدثنِي إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ أوفى أَبُو طَلْحَة فِي أَصْحَابه سَاعَة قبر عمر فَلَزِمَ أَصْحَاب الشورى فَلَمَّا جعلُوا أَمرهم إِلَى عبد الرحمان بن عَوْف يخْتَار لَهُم مِنْهُم لزم أَبُو طَلْحَة بَاب عبد الرحمان بن
1 / 26
عَوْف بِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَايع عُثْمَان قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي سعيد المكتي عَن سَلمَة بن أبي سَلمَة بن عبد الرحمان عَن أَبِيه قَالَ أول من بَايع لعُثْمَان عبد الرحمان ثمَّ عَليّ بن أبي طَالب قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي عمر بن عميرَة بن هني مولى عمر بن الْخطاب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ أَنا رَأَيْت عليا بَايع عُثْمَان أول النَّاس ثمَّ تتَابع النَّاس فَبَايعُوا قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي عَن أَبِيه أَن عُثْمَان لما بُويِعَ خرج إِلَى النَّاس فخطبهم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس أَن أول مركب صَعب وان بعد الْيَوْم أَيَّامًا وان أعش تأتكم الْخطْبَة على وَجههَا وَمَا كُنَّا خطباء وسيعلمنا الله
قَالُوا بُويِعَ عُثْمَان بن عَفَّان ﵁ يَوْم الأثنين لليلة بقيت من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين فَاسْتقْبل بخلافته الْمحرم سنة ارْبَعْ وَعشْرين وَوجه عُثْمَان رض = على الْحَج تِلْكَ السّنة عبد الرحمان بن عَوْف رض = فحج بِالنَّاسِ سنة أَربع وَعشْرين ثمَّ حج عُثْمَان رض = فِي خِلَافَته كلهَا بِالنَّاسِ عشر سِنِين مُتَوَالِيَة إِلَّا السّنة الَّتِي حوصر فِيهَا فَوجه عبد الله بن عَبَّاس رض = على الْحَج فَخرج فحج بِالنَّاسِ
وَعَن أبي وَائِل أَن عبد الله بن مَسْعُود ﵁ سَار من الْمَدِينَة إِلَى الْكُوفَة ثمانيا حِين اسْتخْلف عُثْمَان بن عَفَّان ﵁ فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أما بعد فَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب مَاتَ فَلم نر يَوْمًا أَكثر نشيجا من يَوْمئِذٍ وَأَنا اجْتَمَعنَا أَصْحَاب مُحَمَّد ﷺ فَلم نأل عَن خيرنا ذَا فَوق فَبَايعْنَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان فَبَايعُوهُ
1 / 27
وَعَن الزُّهْرِيّ قَالَ لما ولي عُثْمَان ﵁ عَاشَ اثْنَتَيْ عشرَة سنة أَمِيرا يعْمل سِتّ سِنِين لَا ينقم النَّاس عَلَيْهِ شَيْئا وَأَنه لأحب إِلَى قُرَيْش من عمر ﵁ لِأَنَّهُ كَانَ شَدِيدا عَلَيْهِم فَلَمَّا وليهم عُثْمَان ﵁ لِأَن لَهُم ووصلهم ثمَّ توانى فِي أَمرهم وَاسْتعْمل أقرباءه وَأهل بَيته فِي السِّت الْأَوَاخِر وَكتب لمروان بِخمْس أفريقية وَأعْطى أقرباءه المَال وَتَأَول فِي ذَلِك الصِّلَة الَّتِي أَمر الله بهَا وَاتخذ الْأَمْوَال واستسلف من بَيت المَال وَقَالَ أَن أَبَا بكر وَعمر ﵄ تركا من ذَلِك مَا هُوَ لَهما وَأَنِّي أَخَذته فقسمته فِي أقربائي فَأنْكر النَّاس ذَلِك عَلَيْهِ
وروى سيف بن عمر ﵁ عَن عبد الْملك بن جريح عَن نَافِع عَن بن عمر ﵄ قَالَ قلت لعمر اسْتخْلف مَا تَقول لِرَبِّك إِذا قدمت عَلَيْهِ وَقد تركت أمة مُحَمَّد ﷺ لَا راعي لَهَا فَقَالَ إِن أستخلف فقد اسْتخْلف من هُوَ خير مني وَأَن أترك فقد ترك من هُوَ خير مني فَقلت أَرَأَيْت لَو أَن راعيك أَتَاك وَترك غنمك مَا كنت قَائِلا لَهُ فَعِنْدَ ذَلِك جعلهَا شُورَى وَعند ذَلِك قَالَ إِنِّي لأعْلم أَنهم لَا يعدلُونَ بِهَذَيْنِ الرجلَيْن
وروى أَيْضا عَن مُبشر عَن جَابر قَالَ لما طعن عمر رض = عَنهُ شكوا أأصاب أقتابه شَيْء أم لَا فدعى لَهُ بنبيذ فَشرب فَلم يشفهم من علم جراحه حَتَّى دعى لَهُ بِلَبن فَخرج ببياضه مَعَ الدَّم فأوصى فِي خاصته وَجمع الْعَامَّة وَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس أَن الْأَمر الْيَوْم فِي أمة مُحَمَّد ﵊ أَمركُم أَنْتُم شُهُود الْأمة وَأهل الشورى فَمن رَضِيتُمْ بِهِ فقد رَضوا بِهِ وَمن اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ فقد أَجمعُوا عَلَيْهِ وَأَن هَذَا الْأَمر لَا يزَال فِيكُم مَا طلبتم بِهِ وَجه الله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِذا طلبتم بِهِ الدُّنْيَا وتنازعتم سلبكموه الله وَنَقله عَنْكُم ثمَّ لَا يردهُ عَلَيْكُم أبدا وأنكم أَن تؤمروا فِي حَيَاة مني أَجْدَر أَلا تختلفوا بعدِي هَل
1 / 28
تعلمُونَ أحدا أَحَق بِهَذَا الْأَمر من هَؤُلَاءِ السِّتَّة النَّفر الَّذين مَاتَ رَسُول الله ﷺ وَهُوَ عَنْهُم رَاض قَالُوا لَا قَالَ فَإِنِّي أرى من الرَّأْي ان باعتموني أَن نجْعَل ذَلِك بهم فيؤمروا بَعضهم قَالُوا فقد رَأينَا ذَلِك وجعلناه اليهم فَقَالَ عمر رض = ليصل بكم صُهَيْب ثَلَاثًا وأربعوا على طَلْحَة وَكَانَ بِالشَّام فان جَاءَ جَاءَ وآلا فَلَا تنتظروا بهَا أَكثر من ذَلِك فَإِن إختلفوا فكونوا مَعَ الْأَكْثَر ووكل بهم الْمِقْدَاد بن عَمْرو وَقَالَ إِن لم يجىء طَلْحَة فَابْن عمر مَكَانَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَمر فانتظروا بعد عمر رض = ثَلَاثًا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث جمعهم الْمِقْدَاد إِلَى بَيت عَائِشَة رض = فَقَالَ انْظُرُوا غلى هَذِه الأقبر ثمَّ انْظُرُوا فِي أَمركُم فَقَالَ عبد الرحمان بن عَوْف فَأَيكُمْ يكفينا النّظر وَيخرج نَفسه فَلم يجب أحد فَقَالَ عبد الرحمان أَنا أخرج نَفسِي وإبن عمي سعد بن أبي وَقاص وَأنْظر لكم فَقَالُوا جَمِيعًا نعم فأكفنا ذَلِك فوَاللَّه مَا حملنَا على السكت الضن وَلَكِن الضّيق بهَا فَخرج عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رض = فَلم يدع بِالْمَدِينَةِ أحدا من السَّابِقين من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار الا وطرقه واستشاره واستكتمه فكلهم قَالَ لَهُ عُثْمَان
ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْت من الْغَد وَلم يبت ليلته تِلْكَ حَتَّى أصبح فَأَتَاهُم فَاسْتَيْقَظَ نَائِما حَتَّى الظّهْر فأري فِي الْمَنَام أَن قُم فَانْظُر فِي هَذَا الْأَمر فَقَالَ وَكَيف نَنْظُر إِلَيْهِ قَالَ أَمر أقرأهم فان اسْتَووا فأفقههم فَإِن اسْتَووا فأسنهم فانتبه وَقد ذكر حَدِيث رَسُول الله ﷺ فَقضى بِهِ فيهم وَحَدِيث رَسُول الله ﴿يؤم الْقَوْم أقرؤهم فَإِن اسْتَووا فأفقههم﴾ إِلَى آخر الحَدِيث فبدر عبد الرَّحْمَن فَخَلا بهم رجلا رجلا فَقَالَ أَرَأَيْت إِن أَنا بَايَعْتُك فخلف بك من لَهَا بعْدك فَيَقُول عُثْمَان حَتَّى قَالَهَا لعُثْمَان فَقَالَ
1 / 29
عَليّ وافتتح عبد الرَّحْمَن الْكَلَام فَقَالَ أنْشدكُمْ الله هَل تعلمُونَ أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ ليؤمكم أقرؤكم فَإِن كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فأفقههم فَإِن كَانُوا سَوَاء فأسنهم قَالُوا نعم قَالَ هَل تعلمُونَ هَذَا اجْتمع فِي أحد مِنْكُم غير عُثْمَان فَبَايعُوهُ وأقروا واعترفوا وَخَرجُوا وَمَا مِنْهُم أحد الا وَهُوَ أسر من عُثْمَان ﵃ فصلى بِالنَّاسِ الْعَصْر
وَعَن عَمْرو بن مُحَمَّد عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق قَالَ قَالَ ابْن مَسْعُود غَدَاة أَتَتْهُ إِمَارَة عُثْمَان وَالله مَا آلوا عَن أَعلَى ذِي فَوق لقد جمع أَنه أقرؤهم لِلْقُرْآنِ وأسنهم مَعَ فقه فِي الدّين وَعَن إِبْنِ جريج عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر رض = قَالَ قَالَ عمر رض = أَنِّي لأعْلم أَن النَّاس لَا يعدلُونَ بِهَذَيْنِ الرجلَيْن اللَّذين كَانَ رَسُول الله ﷺ يكون نجيا بَينهمَا وَبَين جِبْرِيل يتلَقَّى عَنهُ ويميل عَلَيْهِمَا وَعَن مُبشر عَن سَالم قَالَ كَانَ أَبُو طَلْحَة الْقيم بذلك مَعَ الْمِقْدَاد فِي خمسين رجلا وَقَالَ عمر رض = أَن صَارُوا ثَلَاثَة وَثَلَاثَة فَعَلَيْكُم بِالثَّلَاثَةِ الَّذين فيهم عبد الرحمان بن عَوْف فَإِن رجح أحد الْفَرِيقَيْنِ على الْأُخَر فَعَلَيْكُم بالأرجح وَفِي صَلَاة صُهَيْب بِالنَّاسِ والشورى يُقَال ... صلى صهبب ثَلَاثًا ثمَّ أسلمها ... إِلَى ابْن عَفَّان ملكا غير مقهور
وَصِيَّة من أبي حَفْص لستتهم ... كَانُوا أخلاء مهْدي وَمَنْصُور
مُهَاجِرين رَأَوْا عُثْمَان إقربهم ... إِذْ بَايعُوهُ لَهَا وَالْبَيْت وَالطور ...
وَعَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ قَالَ عمر رض = أَيّكُم يحدثنا عَن الْفِتْنَة فَسَكَتُوا فَقَالَ حُذَيْفَة أَنا فَقَالَ
1 / 30
هَات فوَاللَّه أَنَّك مَا علمت لجريء قَالَ فتْنَة الرجل فِي نَفسه وَمَاله وَأَهله يكفرهَا الطّهُور وَالصَّلَاة فَقَالَ عر رض = لَا الَّتِي تموج موج الْبَحْر فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بَيْنك وَبَينهَا بَاب مغلق قَالَ يفتح الْبَاب فتحا أَو يكسر كسرا قَالَ لَا بل يكسر كسرا قَالَ أَنى يكون هَذَا وَأَنا فِي جَزِيرَة الْعَرَب
٢ - ذكر فَضَائِل عمر بن الْخطاب رض = عَن جَابر بن عبد الله رض = قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ ﴿دخلت الْجنَّة فَرَأَيْت قصرا أَبيض بفنائه جَارِيَة فَقلت لمن هَذَا الْقصر قَالَت لعمر فَأَرَدْت أَن أدخلهُ فَأنْظر إِلَيْهِ فَذكرت غيرتك يَا عمر فَبكى عمر وَقَالَ بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله أَو عَلَيْك أغار هَذَا حَدِيث مُتَّفق على صِحَّته أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ﴾ كَانَ فِيمَا خلا قبلكُمْ من الْأُمَم نَاس محدثون فَإِن يكن فِي أمتِي أحد فعمر بن الْخطاب مُتَّفق عَلَيْهِ أَيْضا
وَقَالَ النَّبِي ﷺ إِن الله وضع الْحق على لِسَان عمر يَقُول بِهِ ﴿وَقَالَ عَليّ رض = مَا كُنَّا نبعد أَن السكينَة تنطق على لِسَان عمر وَقَالَ ابْن عمر رض = مَا نزل بِالنَّاسِ أَمر قطّ فَقَالُوا فِيهِ وَقَالَ فِيهِ عمر إِلَّا نزل الْقُرْآن على نَحْو مَا قَالَ عمر رض = وَقَالَ ابْن مَسْعُود مَا رَأَيْت عمر قطّ آلا وَكَأن بَين عَيْنَيْهِ ملكا يسدده وَقَالَ أَيْضا أَن عمر بن الْخطاب كَانَ
1 / 31
حصنا حصينا لِلْإِسْلَامِ يدْخل فِيهِ وَلَا يخرج مِنْهُ فَلَمَّا مَاتَ عمر رض = انثلم من الْحصن ثلمة فَهُوَ يخرج مِنْهُ وَلَا يدْخل فِيهِ وَكَانَ إِذا سلك بِنَا طَرِيقا وَجَدْنَاهُ سهلا وَذَا ذكر الصالحون فَحَيَّهَلا بعمر كَانَ فصل مَا بَين الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَالله إِنِّي لَوَدِدْت أَن أخدم مثله
وَعَن ابْن عَبَّاس رض = قَالَ إِنِّي لواقف فِي قوم قد دعوا الله لعمر ابْن الْخطاب رض = وَقد وضع على سَرِيره إِذا رجل من خَلْفي وَقد وضع مرفقه على مَنْكِبي يَقُول يَرْحَمك الله إِنِّي كنت لأرجو أَن يجعلك الله مَعَ صاحبيك لِأَنِّي كنت كثيرا مَا كنت أسمع رَسُول الله ﷺ يَقُول كنت وَأَبُو بكر وَعمر وَانْطَلَقت وَأَبُو بكر وَعمر وَإِنِّي كنت لأرجوا أَن يجعلك الله مَعَهُمَا فَالْتَفت فَإِذا عَليّ بن أبي طَالب رض = أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم
وَعَن انس رض = قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ وَعمر سيدا كهول أهل الْجنَّة وَفِي رِوَايَة سيدا كهول الْجنَّة من الْأَوَّلين والآخرين آلا النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَيْثُ غَرِيب من هَذَا الْوَجْه رَوَاهُ عون ابْن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي ﷺ قَالَ أَن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الْجنَّة فتضيء الْجنَّة لوجهه كَأَنَّهَا كَوْكَب ردي وَإِن أَبَا بكر وَعمر مِنْهُم وأنعما وَعَن حُذَيْفَة رض = قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ﴾ اقتدوا بالذين من بعدِي أبي بكر وَعمر رَوَاهُمَا الْحَافِظ عبد الرَّزَّاق الرَّسْعَنِي فِي مَقْتَله وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن شَقِيق عَن عبد الله رض = عَن النَّبِي ﷺ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيل وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾
1 / 32
التَّحْرِيم قَالَ من صالحى الْمُؤمنِينَ أَبُو بكر وَعمر رض =
وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي هُرَيْرَة رض = قَالَ خرج النَّبِي ﷺ مُتكئا على عَليّ بن أبي طَالب رض = فَاسْتَقْبلهُ أَبُو بكر وَعمر رض = فَقَالَ يَا عَليّ أَتُحِبُّ هذَيْن الشَّيْخَيْنِ قَالَ نعم قَالَ بحبهما تدخل الْجنَّة وَرُوِيَ أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي هُرَيْرَة سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة الدوسي قَالَ كنت جَالِسا مَعَ رَسُول الله ﷺ إِذْ طلع أَبُو بك فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أيدني بكما
وروى أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْآجُرِيّ فِي = كتاب الشَّرِيعَة بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عمر رض = قَالَ دخل النَّبِي ﷺ الْمَسْجِد وَأَبُو بكر عَن يَمِينه وَعمر عَن يسَاره فَقَالَ هَكَذَا نبعث يَوْم الْقِيَامَة
وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ ﴿لقد هَمَمْت أَن أبْعث رجَالًا من أَصْحَابِي إِلَى مُلُوك الأَرْض يَدعُونَهُمْ إِلَى الْإِسْلَام كَمَا بعث عِيسَى إِبْنِ مَرْيَم الحواريين قَالُوا يارسول الله أَلا تبْعَث أَبَا بكر وَعمر فهما أبلغ قَالَ إِنَّه لَا غنى بِي عَنْهُمَا إِنَّمَا منزلتهما من الدّين بِمَنْزِلَة السّمع وَالْبَصَر من الْجَسَد
وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ
1 / 33
﴿مَا من نَبِي إِلَّا وَله وزيران من أهل السَّمَاء ووزيران من أهل الأَرْض فَأَما وزيراي من أهل السَّمَاء فجبريل وَمِيكَائِيل ﵉ وَأما وزيراي من أهل الأَرْض فَأَبُو بكر وَعمر رض =
وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ﴾ رَأَيْتنِي أدخلت الْجنَّة فجزت من إِحْدَى أَبْوَابهَا الثَّمَانِية فَأتيت بكفة ميزَان فَوضعت فِيهَا وَجِيء بأمتي فَوضعت فِي الكفة الْأُخْرَى فرجحت بأمتي وَجِيء بِأبي بكر فَوضع فِي كفة ثمَّ جِيءَ بأمتي فَوضعت فِي الكفة الْأُخْرَى فرجح بهَا ثمَّ جِيءَ بعمر فَوضع فِي كفة الْمِيزَان وَجِيء بأمتي فَوضعت فِي الكفة الْأُخْرَى فرجح بهَا ثمَّ رفع الْمِيزَان إِلَى السَّمَاء وَأَنا أنظرهُ
وروى بِإِسْنَادِهِ عَن أبي سعد الْخُدْرِيّ رض = قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ ﴿ان أهل الدَّرَجَات الْعلَا يراهم من تَحْتهم كَمَا يرى الْكَوْكَب الدُّرِّي الطالع من الْأُفق من أَفَاق السَّمَاء وَأَبُو بكر وَعمر وَمِنْهُم وأنعما﴾
وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عمر ﵄ قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ ﴿الْهم أعز الْإِسْلَام بِأحب هذَيْن الرجلَيْن إِلَيْك بعمر بن الْخطاب أَو بِأبي جهل بن هِشَام فَكَانَ أحبهما إِلَى الله ﷿ عمر ﵁ فَأصْبح فَأسلم﴾ وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن مَسْعُود ﵁ قَالَ مَا زلنا أعزة مُنْذُ أسلم عمر بن الْخطاب ﵁
وروى الْآجُرِيّ أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أنس بن مَالك ﵁ قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب ﵁ وَافَقت رَبِّي فِي ثَلَاث قلت يَا رَسُول
1 / 34
الله لَو أتخذت من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى فَنزلت ﴿وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى﴾ قَالَ وَقلت يَا رَسُول الله إِن نِسَاءَك يدْخل عَلَيْهِنَّ الْبر والفاجر فَلَو أمرتهن أَن يحتجبن فَنزلت أَيَّة الْحجاب قَالَ وَاجْتمعَ على رَسُول الله ﷺ نساؤه فِي الْغيرَة فَقلت لَهُنَّ ﴿عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن﴾ التَّحْرِيم ٥ قَالَ فَنزلت كَذَلِك وَفِي رِوَايَة وَافَقت رَبِّي فِي أَربع وَزَاد قَالَ وَأنزل الله ﷿ ﴿وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة من طين﴾ الْمُؤْمِنُونَ ١٢ حَتَّى بلغ الأية فَقلت أَنا ﴿فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ﴾ فَنزلت ﴿فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ﴾ الْمُؤْمِنُونَ ١٤
فِي حَدِيث أخر عَن إِبْنِ عمر رض = وَافَقت رَبِّي فِي ثَلَاث فِي الْحجاب وَفِي أُسَارَى بدر وَفِي مقَام إِبْرَاهِيم وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن عقبَة ابْن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ ﴿لَو كَانَ بعدِي نَبِي لَكَانَ عمر بن الْخطاب﴾ وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله بن عمر قَالَ سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول بَينا أَنا أتيت بقدح من لبن فَشَرِبت مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لأرى الرّيّ يجْرِي فِي أظفاري ثمَّ أَعْطَيْت فضلي عمر ببن الْخطاب قَالُوا فَمَا أولته يَا رَسُول الله قَالَ الْعلم وَعَن ابْن عمر رض = عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ عمر بن الْخطاب سراج أهل الْجنَّة
٣ - ذكر بِشَارَة كَعْب الْأَحْبَار عمر رض = بِالشَّهَادَةِ
روى أَبُو بكر الْآجُرِيّ فِي كتاب الشَّرِيعَة بِإِسْنَادِهِ عَن الْمسور بن مخرمَة عَن أمه عَاتِكَة بنت عَوْف قَالَت خرج عمر بن الْخطاب رض = يَوْمًا
1 / 35