তামহিদ তারিখ ফালসাফা ইসলামিয়্যা
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
জনগুলি
18
فإخوان الصفاء لا يقسمون العلوم الفلسفية إلى نظرية وعملية، بل يدخلون القسم العملي كله في الإلهيات، ويدخلون في علوم الفلسفة ما لم يدخله من قبلهم من السياسة النبوية وعلم المعاد.
ومع أنا نجد في هذه النصوص تصريحا بأن المنطقيات من علوم الفلسفة، فإن في رسائل إخوان الصفاء فصلا عنوانه: «فصل في أن المنطق أداة الفيلسوف» جاء فيه: «واعلم بأن المنطق ميزان الفلسفة، وقد قيل إنه أداة الفيلسوف، وذلك أنه لما كانت الفلسفة أشرف الصنائع البشرية بعد النبوة، صار من الواجب أن يكون ميزان الفلسفة أصح الموازين، وأداة الفيلسوف أشرف الأدوات؛ لأنه قيل في حد الفلسفة إنها التشبه بالإله بحسب الطاقة الإنسانية، واعلم بأن معنى قولهم : «طاقة الإنسان» هو أن يجتهد الإنسان ويتحرز من الكذب في كلامه وأقاويله، ويتجنب من الباطل في اعتقاده، ومن الخطأ في معلوماته، ومن الرداءة في أخلاقه ومن الشر في أفعاله، ومن الزلل في أعماله، ومن النقص في صناعته، هذا هو معنى قولهم التشبه بالإله بحسب طاقة الإنسان؛ لأن الله - عز وجل - لا يقول إلا الصدق، ولا يفعل إلا الخير.»
19 (4) ابن سينا
أما ابن سينا المتوفى سنة 428ه/1087م فيعرض لتعريف الحكمة وتقسيمها في أسلوبه العلمي الدقيق، ولا تخلو مع هذا أقواله في كتبه المختلفة من تفاوت.
وهذا قوله في «رسالة الطبيعيات» من عيون الحكمة: «الحكمة استكمال النفس الإنسانية بتصور الأمور والتصديق بالحقائق النظرية والعملية على قدر الطاقة الإنسانية؛ فالحكمة المتعلقة بالأمور التي لنا أن نعلمها وليس لنا أن نعمل بها تسمى حكمة نظرية، والحكمة المتعلقة بالأمور العملية التي لنا أن نعلمها ونعمل بها تسمى حكمة عملية، وكل واحدة من هاتين الحكمتين تنحصر في أقسام ثلاثة: فأقسام الحكمة العملية: حكمة مدنية، وحكمة منزلية، وحكمة خلقية، ومبدأ هذه الأقسام الثلاثة مستفاد من جهة الشريعة الإلهية، وكمالات حدودها تستبين بها وتتصرف فيها بعد ذلك القوة النظرية من البشر بمعرفة القوانين واستعمالها في الجزئيات.
فالحكمة المدنية فائدتها أن يعلم أنه كيف يجب أن تكون المشاركة التي تقع فيما بين أشخاص الناس ليتعاونوا على مصالح الأبدان، ومصالح بقاء نوع الإنسان، والحكمة المنزلية فائدتها أن تعلم المشاركة التي ينبغي أن تكون بين أهل منزل واحد لتنظم به المصلحة المنزلية، والمشاركة المنزلية تتم بين زوج وزوجة، ووالد ومولود، ومالك وعبد.
وأما الحكمة الخلقية ففائدتها أن تعلم الفضائل وكيفية اقتنائها لتزكو بها النفس، وتعلم الرذائل وكيفية توقيها لتطهر عنها النفس، وأما الحكمة النظرية فأقسامها ثلاثة: حكمة تتعلق بما في الحركة والتغير من حيث هو في الحركة والتغير، وتسمى حكمة طبيعية، وحكمة تتعلق بما من شأنه أن يجرده الذهن عن التغير، وإن كان وجوده مخالطا للتغير، وتسمى حكمة رياضية، وحكمة تتعلق بما وجوده مستغن عن مخالطة التغير؛ فلا يخالطها أصلا، وإن خالطها فبالعرض لا أن ذاتها مفتقرة في تحقيق الوجود إليها، وهي الفلسفة الأولى، والفلسفة الإلهية جزء منها، وهي معرفة الربوبية، ومبادئ هذه الأقسام التي للفلسفة النظرية مستفادة من أرباب الملة الإلهية على سبيل التنبيه، ومتصرف على تحصيلها بالكمال بالقوة العقلية على سبيل الحجة، ومن أوتي استكمال نفسه بهاتين الحكمتين، والعمل مع ذلك بإحداهما فقد أوتي خيرا كثيرا.
20
وتعريف ابن سينا للحكمة فيما أسلفنا محتمل لأن تعتبر الحكمة نفس المعلومات التصورية والتصديقية، بناء على أن السين والتاء في لفظة: «استكمال» مزيدتان بغير معنى، ومحتمل لأن تكون السين والتاء للدلالة على الطلب، فتكون الحكمة هي التماس تحصيل هذه المعلومات بالنظر العقلي، وفيما سبق من كلام الفارابي ما ينحو إلى كليهما.
অজানা পৃষ্ঠা