في لبنان، واستشهد سنة 965 في القسطنطنية.
قيل في وصفه: إنه كان ربعة من الرجال، بوجه صبيح مدور، وشعر سبط يميل إلى الشقرة؛ أسود العينين والحاجبين، أبيض اللون. كأن أصابع يديه أقلام فضة.
إذا نظر الناظر في وجهه، وسمع لفظه العذب، لم تسمح نفسه بمفارقته، وتسلو عن كل شيء بمخاطبته؛ يمتلئ العيون من مهابته، وتبتهج القلوب لجلالته.
ولد الشهيد في عائلة نذرت نفسها للدين والعلم. فقد كان أبوه من كبار أفاضل عصره، وكان كل أجداده المذكورين من الفضلاء المشهورين، وجده الأعلى الشيخ صالح من تلاميذ العلامة، وأخوه وبعض بني عمومته كانوا علماء أفاضل.
وأما أبناؤه فقد تسلسل فيهم العلم والفضل زمانا طويلا، وسموا بسلسلة الذهب.
وعلى أي حال فقد كان الشهيد فلتة من فلتأت الدهر، ومفخرة من مفاخر الإسلام، ومنعطفا في تاريخ العلم، ومدرسة للأجيال. تراه عالما عاملا، زاهدا عابدا، فقيها ماهرا، كادا على عياله، صابرا محتسبا، ومشاركا في جميع العلوم الإسلامية.
وما ظنك برجل يحرس الكرم ليلا، ويطالع الدروس أو يشتغل بالعبادة؛ وفي الصباح يلقي الدروس على الطلبة، ويحتطب لعياله، ويشتغل بالتجارة أحيانا، ويباشر بناء داره ومسجده الذي هو إلى جنبها في قرية جبع، فكان زاهدا قانعا جادا كادا للمعاش والمعاد.
পৃষ্ঠা ১৪