============================================================
التمهيد فى اصول الدين للجود، وفيما قلنا اثبات الجود، فهو تعالى بما يعطى متفضتل جودا مسن، وبما يمنع مما هو حقه لا حق غيره قبله عادل، والله الموفق.
ثم نقول لهم: اليس أن الله تعالى يؤلم الأطفال، وذلك مما يضرهم، فكان تركه أصلح لهم؟ فزعموا أن ذلك أصلح لهم؛ لأنه يعطيهم الثولب الدائم على ذلك عوضا عنه، فصار مصلحة لهم، كحجامة الوالد المشفق ولده. قيل: إن الله تعالى قادر على أن يعطيهم فى الدار الآخرة ما يعطيهم بنون سابقة الإيلام، فكذا الإعطاء بذلك أنفع لهم وأصلح، بخلاف الأب؛ لأنه لا يقدر على اثبات الصحة ودفع المرض إلا بالحجامة، حتى إنه لو كان قادرا على الصحة ودفع المرض بدون الحجامة ومع ذلسك آلمه بالحجامة لم يعد ذلك منه مصلحة. فان قالوا: نعم الله تعالى يقدر على ذلك، ولكن إعطاءهم النعمة فى الآخرة عوضا عما لحقه من الألم، كان أصلح له من الإعطاء بدون سابقة الإيلام، لأن ما كان جاريا مجرى الأعواض لا يتمكن فيه المنة المنقصة للنعم، وما كان تفضلا يتمكن فيه المنة المنقصة للنعم، وكان الثابت بطريق العوض الذ وأشهى، قيل لهم: لحوق المنة إنما ينقص النعمة إذا كان مما يساوى المنعم عليه ويوازيه فى الرتبة؛ فيشق على المنعم عليه تحمل منته والخضوع له. فأما المنة من الله تعالى فمما تزيد فى النعمة طيبا وتلذذا للمنعم عليه بامتتانه عليه.
يحققه أن ملكا من الملوك لو خلع على واحد من كبراء أهل مملكته، كان ذلك الذ عنده وأشهى مما لو اشتراه بعوض يماتله لما أن لا يشق على الطباع تحل المنة من الملوك، ولا تكره نفوسهم الخضوع لهم، ففى حق
পৃষ্ঠা ১২৮