92

============================================================

الشهيد شح معالمر العدل والتوحيل فأما الظلمة فإن كانت أمرا عدميا كما قررنا فلا كلام، وإن كانت أمرا ثبوتيا كان بيان حدوثها كبيان حدوث النور.

ولو سلمنا قدم الأجسام وجب القول بحدوث النور والظلمة؛ لأنا قد بينا كون النور عرضا فاختصاص الجسم به ليس لجسميته، وإلا وجب حصوله في جميع الأجسام، ولا لأمر آخر موجب، إذ لا مخصص له بجسم دون جسم، فلم يبق إلا أن يكون للفاعل المختار ، وكل من كان فعلا للفاعل المختار فهو محدث، فيجب أن يكون النور محدثا.

فأما قولهم: إن الأجسام لو حدثت لكان لا يخلو إما أن يكون حدوثها لغرض أو لا لغرض فالجواب أنه فعلها لأكمل الأغراض وهو الإحسان إلى الخلق، وليس ذلك خلاف المعقول كما زعموا؛ لأن داعي الإحسان مقرر في العقول كما نشرحه عند الكلام في الحكمة ان شاء الله.

و أما ما ذكروه ثانيا من أن تناهيهما لا يكون إلا من حيث تلاقيهما.

فجوابه من وجوه: أما أولا فلأن من مذهبكم أن المرجع بالأنوار كلها على اختلاف أنواعها إلى أنفس الأجسام، وقد تقرر أن الأجسام متناهية، فيجب أن تكون الأنوار متناهية. وإنما قلنا: إن الأجسام متناهية؛ لأنها لو لم تكن متناهية لم يفترق الحال بين صغيرها وكبيرها بل يجب التساوي لاشتراك الكل منها في فقد التناهي، وفساد ذلك معلوم ضرورة.

و أما ثانيا فإن الشيء كما تظهر نهايته عند غيره فقد يظهر عند آخر جزء منه وعند فراغ يمكن أن يقدر فيه غيره. ألا ترى أنا نعلم تناهي الجبل عند رؤية طرفه وعند الفراغ الذي

পৃষ্ঠা ৯২