আল-তাহির ফি শিম আল-মালিক আল-জাহির আল-কায়েম বি-নুসরাত আল-হক্ক আবু সাঈদ জাকমাক
التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر القائم بنصرة الحقق أبي سعيد جقمق
জনগুলি
89ظ
ولما فرغ من أمر الأشرفية والأجلاب شرع الأمير قرقماز يتعاطى أمور المملكة بأسرها وكان إذ ذاك اينال الحكمي نائب الشام • وتكري برميش • نائب حلب • والمقر السيفي جليان نائب طرابلس • وقانباي الحمزاوي نائب حماة • وطوخ نائب غزة • وطوغان نائب القدس • واينال الأجرود نائب صفد • وكان مولانا السلطان يرسل الإنعامات الوافرة • والخلع السنية لهؤلاء النواب • يستعطف خواطرهم • ويستهل قلوبهم • ويحملهم على اجتماع الكلمة • ويتقاضى حوائجهم • ويتعاطى قضاها • ذكر إشارة قرقماز على مولانا السلطان بالولاية ثم إن قرقماز قال لمولانا السلطان يا مولانا نظام الملك إن أمور الناس لا تكاد تستقيم ما دام هذا الطفل موجودا أعني الملك العزيز فإن المماليك الأشرفية والأجلاب لو بقي منهم واحد وهذا الطفل منتصب لكان الصداع والشر قائما ويجعلونه وسيلة إلى المخالفة والعصيان • وأما هو فلا يقدر على الاستبداد بفصل القضايا • تعاطي أمور المسلمين • والقيام بمصلحة السلطنة • والأجلاب لا يريدون غيره فالرأي عندي أن ترفعه من البين • وأنت بحمد الله من خيار المسلمين • وما ترك وشمائلك مشهورة ومشكورة فأريد أن تلي هذا المنصب لحسم مواد الشر والفتن • فقال له مولانا السلطان معاذ الله إن هذا الفكر لم يخطر لي ببال • وما عهد إلي على هذا الشرط • ولا أوصي إلي بهذه الطريقة • وماذا يقول الناس في • وما بقي من العمر • وربما ننسب إلي تقصير • وتضييع العهد • الذي قال الله تعالى فيه واوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا36 • وإذا كنا نحن متفقي الكلمة • مجتمعي القلوب • متحدي الآراء • فما عسى أن يفعل المخالف معنا • فقال قرقماز هذا والله هو عين الصواب فأدرك
90و
المسلمين فإنك ردؤهم • وإن لم تفعل هذا يكن فتنة في الأرض وفساد كبير فقال له مولانا السلطان أما إذ عزمت على خلع الملك العزيز وتولية غيره فأنت أولى بهذا الأمر من كل أحد فإنك أثبت قدما وقدما • فقال له لا أتأمر على جماعة فيهم مثلك ولا فرق بيني وبينك إذ كلنا سواء في عمل مصالح المسلمين ولا زال يحرضه على هذا الأمر ويحسن له هذا الرأي السعيد ويتكفل له بالقيام بأمره وكفاية ما فيه من تحمل المشقة والمؤنة حتى غلب على رأيه • ثم أنه في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة إثنين وأربعين وثمانمائة جمع قرقماز الخليفة والقضاة الأربعة والأمراء ورؤساء المباشرين كالقاضي زين الدين عبد الباسط • وكل من يشار إليه • ويعول عليه • في أمور العقد والحل • والتولية والعزل • وعرض عليهم هذا الرأي وما فيه من الفوائد • وما في إهماله من تضييع المصالح وتوليد المفاسد فكل منهم وافق عليه بطيبة نفس وانشراح صدر وخلعوا الملك العزيز وولي الخليفة مولانا السلطان وبايعه • وحكم القضاة بصحة ذلك ونفوذه ثم تابع الأكابر والرؤساء من الأمراء والكبراء في المبايعة • ورضي بذلك الأكابر والأصاغر ودقت به البشائر • وطيروا القصاد إلى أطراف الممالك وسائر البلاد وألبسوا فيرون (...) وأرسلوا إلى جميع النواب خلعا ومراسيم بذلك وابتهجت الدنيا • وبسط مولانا السلطان يده الشريفة على جاري عادتها إلى الصدقات والمبرات • وأنواع الإحسان والخيرات • تعاطى ذلك قولا وعملا • وتمهدت أمور الممالك • ولما أثبت الأمير قرقماز بهذه الخصلة عند مولانا السلطان يد أقومه على سائر الناس وجعله أتابك العساكر الإسلامية • وأذن له في فصل الحكومات في بيته على خلاف عادة من تقدمه من الأتابكية وكان لا يصدر أمر إلا عن رأيه • ولا يتعاطى تولية ولا عزلا إلا بمشورته • وكأن مولانا
90ظ
كان هو الألة معه وهو الحاكم المتصرف وكل قليل يخلع عليه الخلع الفاخرة • ويقدم له الخيول المسومة • ويفيض عليه الانعامات السنية • له ولأحفاده ولخدمه • وكل من هو من جهته • وأرسل على الشام يطلب المقر الاشرف القضائي الكمالي بن البارزي عظم الله تعالى شأنه يستدعيه • فتجهز في أسرع وقت • وتوجه إلى الديار المصرية يوم الإثنين سلخ شهر ربيع الأول سنة اثنين وأربعين واربعمائة واستمر الأمر على السداد إلى يوم الثلاثاء ثامن شهر ربيع الآخر • • ذكر عصيان قرقماز • ثم إن قرقماز ركب يوم الأربعاء تاسع شهر ربيع الآخر وحضر إلى الخدمة بالقلعة على جاري عادته وبعد الخدمة أراد الانصراف فرسم مولانا السلطان فألبسوه خلعة ملوكية • وقدم له فرس من جياد الخيل بسرج مغرق وكنبوش فنزل إلى بيته • وهو منشرح الصدر فاجتمع عليه جماعة من الأشرفية والمؤيدية وغيرهم وحرضوه على الركوب على مولانا السلطان • وشن العصا وإظهار العصيان والمخلفة وذلك من غير موجب فلم يجيبهم إلى شيء من ذلك فألحوا عليه وحسنوا له هذا الرأي المعكوس فما وسعه إلا أجابتهم والركوب معهم فألبس جماعته وحاشيته العدة الكاملة وركب واجتمع عليه طائفة من الأمراء والأجلاب وبقية الأشرفية والمؤيدية ومن لا خلاق له في الدين ولا حساب مع المسلمين • وزعق النفير وضرب الطبل وتوجهوا إلى صوب القلعة • ومولانا السلطان أبعد ما يختلج في خاطره أن قرقماز يعصى عليه أن يخرج عن طاعته أو يخالف أمره إذ قد فارقه في هذه الساعة وهو منشرح البال • مغمورا في الانعام والأفضال • هو وحاشيته وقد تفرقت الأمراء والحاشية واستراحوا في بيوتهم • ومولانا السلطان في القلعة وقد دخل الحريم ولم يكن عنده أحد حتى ولا من خواصه فلم يفجاءهم37
91و
إلا والخيل قد أقبلت والطبول تضرب والمدينة قد تخبطت أعلاها على أدناها والصياح قائم من كل جانب فلم يجترئ أحد أن يخبر مولانا السلطان بذلك حتى هجم واحد إلى عند باب الستارة وصاح يا مولانا السلطان مالك قد أهملت أمر نفسك ألا تسمع هذا العويل والصياح فخرج مولانا السلطان وتفحصوا عن ذلك فإذا الدنيا مخبطة والبغاة قد أظهروا ما في قلوبهم من المرض ففي الحال اجتمع عند مولانا السلطان شرذمة قليلة وطائفة نبيلة • ثم إن الأمراء ورؤوس الأجناد ركبوا وتوجهوا نحو القلعة فإذا قرقماز ومن معه واقف فحال بينهم وبين القلعة فوقفوا معه في الرميلة وكان تمراز أمير أخور بباب السلسلة واستمرت الأمراء واقفين مع قرقماز كأنهم من حزبه حتى أمكنتهم الفرصة توجهوا إلى القلعة وانقلبوا على قرقماز • وكان إذ ذاك وقد توجه مولانا السلطان إلى • (...) المشرق على الرميلة ومعه جماعته واجتمع زعر القاهرة من وراء قرقماز فنادوا لهم من القلعة يا زعر المال لك والروح لمولانا السلطان • ثم أقبلت القدماء والمشايخ من المماليك الظاهرية واستمر قرقماز ومن معه في الوسط الزعر من صوب • والمماليك الظاهرية من صوب • وصدقوا الله الطعن والضرب • ولم تلتفت الزعر لا إلى مال ولا سلب واشتد الحرب وحمي الوطيس • والتقت الرجال بالرجال • فلم يمض إلا اليسير حتى انزل الله النصر للعساكر السلطانية • والعصابة المحمدية • فخذل قرقماز وطائفته الطاغية الباغية • وكان في العساكر السلطانية شخص يدعى حكم المصارع فقبض عليه قرقماز وذبحه من غير موجب ولا ذنب • ثم لم يسع الفئة الباغية إن ولت الأدبار • وعلاها الذل والانكسار • وهرب قرقماز وتفرقت جماعته شذر مذر • فلا حاجته قضى • ولا على صديقه أبقي • وتوجه إلى غائط له فاختفى فيه • وفي يوم الجمعة حادي عشر شهر ربيع الأول
91ظ
أرسل يطلب الأمان ويستدعي المقر الأشرف الناصري ولد المقام الشريف • والمقر الزيني عبد الباسط فتوجها إليه • فتمثل معهما بين يدي المواقف الشريفة • ولم يكن له مجال للاعتذار • ولا له متشبث ولا متعلق فيما ارتكبه فأرسل إلى اسكندرية وادعى عليه بأشياء مخالفة للشرع الشريف • وموجبة لإراقة دمه • منها البغي والخروج عن طاعة ولي الأمر • ومنها حركات وأقوال يترتب عليها موجبات الكفر ومنها إراقة دم حكم المصارع بغير ذنبه • وثبت كل ذلك عليه بالشرع الشريف وطلب القصاص منه فحكم بإراقة دمه فأجرى عليه حكم الله تعالى في اسكندرية ولما توجه الركاب الكريم الكمالي إلى القاهرة ورد الخبر بعصيان قرقماز ومخالفته فحصل لأهل الشام تشويش لا يعلمه إلا الله تعالى خوفا على مولانا المشار إليه لئلا يحصل له في الدرب نكد من أهل البغي والعدوان • او ربما يخرج قرقماز من الديار المصرية بتصادقهم في الدرب فيحصل لهم منه الضرر • ولم يزل الناس في اضطراب وشغل خاطر حتى وصل خبر سلامتهم وإنهم وصلوا إلى مقصدهم في خير وعافية فحصل السرور والانشراح بذلك وتولى المقر الكمالي وظيفته القديمة على عادته وهي كتابة السر الشريف وابتهجت المماليك الإسلامية بكمالها ولله الحمد ذكر ابتداء عصيان اينال الحكمي نائب الشام وبكري برميش نائب حلب • ولما بلغ خبر قرقماز الشام وحلب وسائر الممالك سكن رعب مولانا السلطان وهيبته قلوب الناس وسر بذلك كل من في قلبه شيء من الإسلام وأما الطغاة والبغاة فإنهم ازدادوا رجسا إلى رجسهم • ومرضا على مرضهم بمصر وما سواها من البلاد • وظهرت علامات النفاق من المنافقين • ووجد الحساد والبغاة للطعن مجالا فأطالوا لسانهم بالسوء من القول وراسل المنافقون
অজানা পৃষ্ঠা