আল-তাহির ফি শিম আল-মালিক আল-জাহির আল-কায়েম বি-নুসরাত আল-হক্ক আবু সাঈদ জাকমাক
التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر القائم بنصرة الحقق أبي سعيد جقمق
জনগুলি
84ظ
إلى مولانا السلطان وذلك لما كان يعتقده من دينه وصلاحه وعفافه وتقواه وفوض أمر ولده سيدي يوسف إليه ولقب نظام الملك وأمر جميع الأمراء والأكابر والرؤساء والقضاة والخاصكية من مماليكه وغيرهم أنهم يكونون تحت أوامره وأن لا يخرجوا عن ربقة طاعته وكتب بذلك كتابا وسلم إليه ولده • وتوفى عصر يوم السبت ثالث عشر ذي الحجة سنة أحد وأربعين وثمانمائة وكان قد تولى في سنة خمس وعشرين وثمانمائة فأخذوا في تجهيزه • ودفن بالتربة التي انشأها خارج باب المحروق بالصحراء تحت القبة • ثم إن مولانا السلطان خلد الله دولته شرع يتعاطى مصالح المسلمين على الوجه الأشد الأحسن ونصب سيدي يوسف مكان والده ولقبه الملك العزيز • وطارت القصاد بذلك إلى الأطراف الممالك • واستمر مولانا السلطان يصعد كل يوم إلى القلعة ويباشر ما هو بصدده من تعاطي مصالح الإسلام والمسلمين فكان منزله إذ ذاك في مكانه المعهود تحت الكبش فأشار الناس عليه أنه يسكن في القلعة فأبى وقال لا أحدث شيئا ولا أبدي ولا أعيد في قضية حتى تأتي الأمراء والعساكر فإن رؤس33 الأمراء وأكابرهم معهم فإذا قدموا ورأوا شيئا واتفقوا عليه تابعناهم فيه فوصل خبر وفاة الملك الأشرف إلى الشام في العشر الآخر من ذي الحجة وولاية ولده وإن الأمور صالحة فخطبوا باسمه واستمر ذلك • ثم إن الأجلاب من الممالك الأشرفية شرعوا يستطيلون على الناس وذلك لما كان فيهم من عدم التربية وتهذيب الأخلاق فإن الملك الأشرف لم يسلك بهم طرق التربية والتأديب كما كان عادة الملوك المتقدمين والسلاطين الماضين من أقرائهم في المكاتيب أولا ثم تربيتهم على الترويج إلى أن يحصلوا شيئا يقومون به دينهم ويعلموا به في الجملة مالهم وما عليهم من أنور المعاش والمعاد وإنما أقامهم في الخدمة من أول الأمر وهم
85و
كالحطب فخولهم في النعم وقال أن مماليكي لا تحتاج إلى شيء من العلم والقران والأدب وإنما المقصود منهم أن يحرس الإنسان بهم نفسه ويتوصل بهم إلى أغراضه فلما مات رفعوا رؤسهم34 قال الله تعالى إن الإنسان ليطغي إن رآه استغنى والجاه والمال قد أطغى الخلق وأضل العقلاء والعلماء فضلا عمن لا عقل ولا دين له ولا أدب ولا يقين فلما كشف الله تعالى اسنادهم ومخدومهم عنهم طغوا وبغوا وزادوا ما كانوا عليه من الفظا والغلاظة والظلم والعدوان وشرع كل من كان ساكنا منهم في محله أو جاره يستطيل على جيرانه ويهيم بمد يده إلى أولادهم وحريمهم والاعتداء عليهم بكل ما تصل إليه يده من الشر فجعل الناس يرفعون شكواهم لمولانا السلطان نظام الملك لأنهم لا ينتهون بقاضي ولا يسمعون شفاعة شفيع • ولا يخاطبون من يقابلهم إلا بالسيف والدبوس ومولانا السلطان خلد الله ملكه رقيق الحاشية • لين العريكة • فكان يزجرهم عن هذه الخصال الذميمة والأفعال القبيحة • بالحسنى ويلاطفهم بالأقوال الطيبة • ويتلافاهم بالمواعظ والتذكير فلا يفيد ذلك شيئا • وكانوا ينحصرون منه • ويعضون عليه الأنامل من الغيظ • فشرع يستميلهم بالمال ففرق عليهم جملا مستكثرة من الأموال • وكان الملك الأشرف أيضا قد فرق عليهم جملا من الأموال قبل موته فلم يزدهم ذلك إلا طغيانا وعتوا وتصوروا أن ذلك إنما فعل معهم خوفا منهم واستمروا منحصرين من مولانا السلطان حيث لم يسامحهم فيما هم عليه من ارتكاب المحظورات ولم يطلق عنانهم في ميادين اللهو والفساد فكان حصرهم في أيام مولانا السلطان أكثر من حصرهم في أيام الملك الأشرف مع أنهم كانوا يؤملون أن بموت الملك الأشرف يتسع لهم المجال في نيل أغراضهم الفاسدة فجاء الأمر على خلاف ما أملوا واستمر الأمر من حين مات الملك الأشرف وهو من أواخر ذي الحجة إلى قريب منتصف
85ظ
صفر سنة اثنين وأربعين • فاقتضى رأيهم المعكوس أن يرفعوا مولانا السلطان من البين ويخلوا لهم الجو لأن رؤوس الأمراء غائبون • وما عندهم أحد شديد البأس في الله إلا مولانا السلطان فاتفقوا على ذلك يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمم نوره ولو كره الكافرون فاجمعوا كيدهم أنهم يلبسون السلاح يوم الخدمة ويتأهبوا لذلك إذا صعد إلى القلعة • وكان من رؤسائهم أقجة باي • وحكم خال الملك العزيز • وعلي باي • واينال • وغيرهم • وكان يوم الخدمة الخميس سادس عشر صفر سنة اثنين وأربعين وثمانمائة فاستعدوا لذلك وألبسوا جماعتهم السلاح والدروع ولبسوا وأخذوا حذرهم وأسلحتهم • فاخلف الله كلمتهم • وفرق جماعتهم • وألقى في قلب اينال الأشرفي منهم أن توجه إلى مولانا السلطان وقال إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك وأخبروه بما بجميع ما جمعوا عليه من الكيد وأضمروه لمولانا السلطان من المكر والشر وقال لا تركب اليوم فلم يركب ذلك اليوم وخيب الله تعالى سعيهم وعرف مولانا السلطان لاينال هذه الفضيلة وجازاه عليها لكن ما ساعده الحظ وسيأتي حكاية أمره إلى آخره • وهذا كما قيل صحبة الأشرار كالجرة الفخار • يسرع إليها الانكسار • ولا تقبل الانجبار • ولما خاب أملهم • وضل سعيهم • وفشا أمرهم • فلم يسعهم إلا الخروج والعصيان والتجاهر بالعداوة والطغيان • وإظهار التمرد والعدوان • فاغلقوا باب القلعة واستعدوا للحصار • إذ الملك العزيز عندهم وهم في القلعة فتوجه إليهم مولانا السلطان • وركب معه من أسعده الله تعالى ووفقه للخير منهم المقر الشرفي بكري بيردي الموزي البكلمشي • وقرا خواجه الحسني • ومنبك حاجب الحجاب • واسنبوغا الطياري • ودولت باي وكلهم أمراء مقدمون • وغيرهم من الأمراء والرؤساء والاتباع • وأرسل لهم مولانا السلطان يقول لهم مالكم عصيتم
86و
وما ظهر لكم منا ما يوجب الخروج علينا • نفض اليد من الطاعة • ومفارقة الجماعة • أهكذا أوصاكم أستاذكم • وبهذا عهد إليكم فتعللوا بعلل باردة فحاصرهم ذلك اليوم ويوم الجمعة ويوم السبت ثامن عشر صفر المذكور وهم يتناوشون القتال فأشار بعض الأمراء على مولانا السلطان أن يقطعوا عنهم الماء ليضطروا فينزلوا فلم يأذن بذلك وقال إن في القلعة الفقراء والضعفاء والعجز من النساء والأطفال وغيرهم فإذا قطعنا الماء عن هذه البغاة فأول من يتضرر بعدم الماء أولئك الضعفاء وربما لا يفيدنا ذلك شيئا فإن هؤلاء ظلمة أقوياء لا يعجزون عن تحصيل الماء • ويحصل الضرر والعطش للضعفاء والفقراء • فما نستفيد من ذلك أكثر مما نأثم • بل نتوكل على الله تعالى • ونلقي مقاليد أمورنا إلى أنامل إرادته وتدبيره • ونسبح في مجاري قضائه وتقديره • إلى أن يحكم بيننا وهو خير • الحاكمين • فذهب بعض الأمراء إلى سبيل أمير المؤمنين من غير أن يكون لمولانا السلطان بذلك شعور وقطعه عنهم • وبعض الأمراء نقب عليهم نقبا وجعل يناوشهم الحصار والقتال • إلى أن عجزوا واضطروا • والمؤمن من اكتفى بغيره فما وسعهم إلا الانقياد • والنزول إليه • والمثول بين يديه • فبعد ثلاثة أيام نزلوا ومناديلهم في رقابهم فلم يزدهم على الكلام الحسن • والخلق الحسن • واستجلاب خواطرهم • وتطمين قلوبهم • وقال لهم يا أولادي أنتم أسأتم إلى أنفسكم وشوشتم عليكم وعلى غيركم • ثم أنه ذهب بهم إلى بيته وأقامهم في منزل فسيح مليح عنده وقال كونوا ضيوفي ووكل بهم من يحتفظ بهم • واستنظر بهم • الأمراء • فإنه ما أراد بذلك الاستبداد برأيه • فلما سمع المقر السيفي سودون من عبد الرحمن كافل المملكة الشامية كان بموت الملك الأشرف • وكان في اسكندرية توجه إلى القاهرة في البحر فتوفي في الطريق وهو قادم • ولما بلغ العساكر
86ظ
المتوجهة إلى حلب أن الملك الأشرف توفي قفلوا راجعين وتوجهوا إلى الديار المصرية وجهزوا خواجه سودون إلى القدس الشريف وتعاطى أمر ذلك السيفي قرقماز فإن خواجه سودون المذكور كان شريرا فاجرا فخافوا أن يثير فتنة والأجلاب الأشرفية كانوا منتظرين قدوم الأمراء استظهروا بهم • وكان السلطان الملك الأشرف جانم معهم وهو عم الملك العزيز فتوقعوا أنه إذا وصل إلى القاهرة تعصبوا معه واشتد كل منهم بالأخر فيكون لهم ظهرا وعضدا • ورأسا ويدا • فإنه هو أيضا كان من الأجلاب لأنه قدم إلى البلاد الإسلامية وهو كبير السن قد عسا لكن لما كان أخا السلطان تولى المناصب العالية إلى أن صار أمير أخور وصار له كلمة نافذة وما صار أحد يقدر أن يدافعه فيما تسول له به نفسه • ولا يخالفه في حيوة أخيه فمهما كان يقتضيه فكره المعوج • ورأيه الفاسد • يفعله سواء كان حقا أو باطلا • وكان كأخيه رائدا مع الرشا والبرطيل وكل من كان معه ذهب كان عنده هو المسلم • وكل من رشاه وبرطله في قضية كان هو صاحب الحق • وكان الناس قد ألفوا ذلك منه فكان لا يأوي إليه إلا كل مبطل • ولا يستنصر به إلا كل مزور ومبرطل • وكان يساعدهم بالباع والذراع • ولما وصل الأمر إلى القاهرة تلقاهم مولانا السلطان نظام الملك بالاحترام التام • والإحسان والإكرام • على جاري عادته • وقدمهم في الأمور والقضايا وفعل معهم ما يليق لحشمته • وتقتضيه همته العلية • ورأيه السعيد • فما وسع قرقماز إلا أنه صار من جهته • انحاز إلى ظله وفيئته • وأمر قرقماز في الحال فقبضوا على الأجلاب جميعهم • وعلى جانم أيضا وشتت شملهم شغربغد فجهز بعضا منهم إلى اسكندرية • وبعضا أفناهم وأعدمهم • وتقلدهم في ذمته كيف ما اختار وشرع يتعاطى الأسباب • ويصرف الأمور كما يريد • ومولانا السلطان لا يزيد
অজানা পৃষ্ঠা