আল-তাহির ফি শিম আল-মালিক আল-জাহির আল-কায়েম বি-নুসরাত আল-হক্ক আবু সাঈদ জাকমাক
التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر القائم بنصرة الحقق أبي سعيد جقمق
জনগুলি
عال مشرف على ما تحته • ثم مدوا السماط واحضروا أنواع الأطعمة الفاخرة المتكلفة ولما فرغوا تباثوا الأشواق والأخبار وانبسطوا فقال نظام الدين لأبي العباس أريد ان أسر إليك كلاما لا يحضرنا فيه أحد فأمر أبو العباس جماعته أن يخرجوا واختليا فلم يبق عندهما غير صبي دون البلوغ كان يحمل لأبي العباس العكازة التي كان يتوكأ عليها فإنه كان به وجع النقرس غير أنه كان آمنا على نفسه من الفتك لأن في محل عزته وبين حفدته وجماعته • فلما خلا المجلس تحدث طويلا ثم أن نظام الدين عمد إلى خنجر كان معه فقتل به أبا العباس فدهش لذلك الصبي وجمد مكانه ثم أنه أخرج من ساق خفة طنب حرير فربط طرفه في وسطه وشد طرفه الآخر في ساق السباك وتدلى إلى أن وصل إلى الأرض واجتمع بجماعته سالما فلما يشعر أهل القلعة وجماعة أبي العباس إلا وقد فاتهم نظام الدين ووصل إلى مأمنه فاختل أمرهم ولم يسعهم إلا التسليم والإذعان فلم يبرح نظام الدين أن ملك القلعة وأخبر السلطان أنه كفاه مؤنة أبي العباس • فانظر ما أحسن نظام الدين وأدق حيلة واحدة بالحزم حيث افتكر أولا في خلاص القلعة بالقوة والقهر فالبس غلمانه الدروع وأمرهم أن يأخذوا أسلحتهم وحذرهم لذلك ثم افتكر في أن ذلك قد لا يتم ولا يصعد معه • وتلجئة الضرورة أن يدخل وحده ولا يمكنه التوقف على الدخول إليها فيفتضح أذ هو طلب ذلك فإذا دخله كيف يتمكن من بلوغه إلى ما يقصده ولا يمكن ذلك إلا بالفتك بأبي العباس فإذا فتك به وهو منفرد عن جماعته فإنه أيضا يقتل ولا يفي هذا بذا فافتكر في وجه خلاصه بعد قتله أبي العباس فأداه اجتهاده أنه ليس له مخلص إلا من الشباك بالتدلي فأخذ أهبته لذلك وهذا واشباهه أمور لا يستغنى عنها الملوك • وكان الداهية الدهياء والطامة الكبرى في باب التفكر والتدبير والمغالطة والتأمل في عواقب الأمور والأخذ بالحزم وأنواع الحيل وذلك تمورلنك المخذول فإن أفكاره وتدابيره
56ظ
أبحرا لا تدرك لها غواص العقل ولا يسلك في طريقها المصيب الوهم سهل ولا وعر وقد ذكرت نبذة من ذلك في تاريخه ومما لم أذكره في ذلك الكتاب أنه لما قصد بغداد بعد رجوعه من الشام كان قصده أن يخربها ويفتك بأهلها ويقتلهم فإن السلطان أحمد كان قد هجاه وأنكاه بالقول وذكره بأسواء ما يكون فحنق عليه وأضمر له كل سوء وكان السلطان أحمد قد تحقق ذلك منه فلما وصل تيمور إلى ماردين واشتغل بحصارها • وكان في شهر رمضان سنة ثلاث وثمان مائة علم السلطان أحمد أن تيمور لا بد له من التوجه إلى بغداد وأنه يغدر به فلم يقر له قرار لأنه قد تحقق من دهاه ومكره • وغامض حيله وفكره • ما يخفي في كثير من العقلاء • فلم يسعه غير أن أخلى له بغداد • وتوجه نحو ديار الشام • واستخلف في بغداد شخصا يقال له فرج وشخصا آخر يقال له بن البليقي • وأوصاهما أن لا يغلق في وجه تيمور باب ولا يشهر في وجهه سيف • فمهما أراد أن يفعله يفعل فبلغ تيمور ذلك • وكان قصده التشفي من السلطان أحمد فحين فاته ذلك أراد أن ينتقم من ممالك العراق الجارية تحت ولايته لأنه لم يجد لدائه دواء • ولا لغليله شفاء • إلا بخراب مملكته وتدمير رعيته • وما أمكنه تعاطي أسباب ذلك مع تسليمهم المدينة ومهادنتهم وانقيادهم إليه • فأرسل إليهم من العساكر نحوا من عشرين ألف مقاتل مع الشيخ نور الدين • وجلال الإسلامي ورستم ورسم أن يتسلموا المدينة • ويكون الأمير بها من قبله رستم • ولا يخربوا ولا يقتلوا • وينادوا بالأمان والاطمئنان • فلما انفصل العسكر تمارض وأشهر أن ضعفه صعب وجعل يشيع ذلك ويرجف به ويأذن للناس فيدخلون عليه ويشاهدونه ملقى على فرش الفناء فانتشر ذلك في أقطار البلاد ثم احتجب فأشاعوا أنه مات واشتهر هذا الخبر • وتحقق غالب الناس ذلك ووصل على بغداد ولما تحققوا ذلك قال فرج إذا كان الأمر كذلك ومات تيمور
57و
فلم نعطي المدينة أو نسلم المدينة وكان قصد تيمور بذلك ما هو أدق من هذا كله وهو أن السلطان أحمد إذا سمع أن تيمور قد مات يرجع إلى بغداد وربما يطمع في عساكر تيمور فيقصدهم فيقع إذ ذاك في مخاليب تيمور • ثم أن فرج امتنع من تسليم المدينة واستعد للحصار وأخذ في أهبة القتال فوجد تيمور عند ذلك سبيلا إلى استئصالهم وخراب المدينة وقطع دابرهم فتوجه إليهم بالجنود والعساكر وفعل بهم ما فعل • ومن ذلك قصته مع سلطان ماردين الملك الظاهر وقد ذكر بها وهو أنه لما أراد أن يستولي على قلعة ماردين عمل مع الملك الظاهر أنواع المكر والحيل والدهاء وذهب فكره في ذلك كل مذهب فحسبه في مدينة سلطانية سنة ولم يظفر منه بطائل فما وسعه إلا أنه غالطه وصالحه فعانقه وأحسن إليه أحسانا لا مزيد عليه وقال إنك ولي من أولياء الله وأنا ما كنت أعرف قدرك واعتذر إليه وولاه جميع ما حواليه من القلاع والمدن منها ما هو متعلق بممالك الشام • ومنها ما هو متعلق بالسلطان أحمد ومنها ما هو متعلق بصاحب دياربكر وغير ذلك • وقصده بذلك القاء الشر والعداوة بينه وبين مجاوريه • وكتب له ستة وخمسين منشورا كل منشور بولاية مدينة فإذا تشهروا لعدوانه وقصدوه من الجوانب والأطراف • لم يكن له أحد يلتجئ إليه إلا تيمور فيستظل بجناحه فيصل منه إذ ذاك إلى القلعة ولكنه خاب سعيه وقد اشبعت القول في ذلك في تاريخ تيمور • وأفكار تيمور الدقيقة • وأراءه العميقة • لا تكاد تحصى • ولا يستغني من قصده النظر في دقيق الآراء وغامض الأفكار • وخاصة الملوك والسلاطين عن مطالعة ما ذكرته في تاريخ تيمور • لك بديهة مولانا السلطان نصره الله نصرا مؤزرا • وجعل صحة العزم والحزم • والجزم لسلطان فكره الشريف وزراء • أحسن من كل روية • وأرضى من كل فكرة ورية • مع المساعدات الإلهية • والتوفيقات الربانية • وكأنه
57ظ
وكأنه في شأنه الشريف قيل أهل الدول ملهمون • وسيأتي في المجلد الثاني ما يقضي الناظر منه العجب في حوادث سنة إثنين وأربعين وثمانمائة إن شاء الله تعالى كان الفاضل كثيرا ما ينشد • • وإذا السعادة لاحظتك عيونها • نم فالمخاوف كلهن أمان • • واصطد بها العنقاء فهي حبائل • واقتد بها الجوزاء فهي عيان • أما رأيه الصائب • وتأمله الثاقب • وتأمله في العواقب • وما يتعلق بأمور الآخرة • ومما يدل على ذلك حسن معاملته مع الخالق والمخلوق • والقيام بامتثاله أوامر الله تعالى • وأحياء شعائر شرائعه • واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلوكه سبيل السلف الصالح • وطريقة الصحابة والتابعين • رضي الله عنهم أجمعين • مهما أمكنه • والتودد إلى عباد الله تعالى بأنواع البر والإحسان • وأصناف مكارم الأخلاق قولا وفعلا • ونية واعتقادا • فإنه مشاهد ليلا ونهارا لا يحتاج إلى دليل • وقد مر ذكر ذلك مرارا • وكان من أقوى الدلائل الحسية على تفكريه في أمور الآخرة • والاستعداد ليوم المعاد • فإن من اعتقد حقية المعاد • والقدوم على رب العباد • فلا بد أن يجتهد في إصلاح أمور الآخرة ومعادة • ويهيئ أسباب الإقامة لما بين يديه من زاده وعباده • هذا ما يتعلق بأحوال الآخرة وامر المعاد • وأما ما يتعلق بأحوال الدنيا وأمر المعاش • من تدبير مصالح رعيته وسياسة الملك بالفكر الدقيق • والرأي الصائب • فمن خير تولي المناصب السعيدة • والولايات العالية • لم يزل يتصيد قلوب الناس ويستجلبهم بالكلام اللين • واللطف البين • والخلق الهين • ويسدي إليهم أنواع المبرات • وأصناف الخيرات • وذلك بتوفيق الله تعالى وحسن إرشاده • وتسديده في سابق الأزل واسعاده فمن ذلك قضية الشيخ صفاء الدين يذكر أنه من المقربين عند المقام
58و
الشريف شاهرخ كان قد قدم القاهر على زمان الملك الأشرف فاعتنى بشأنه وجهزه إلى الحجاز الشريف • ثم إنه رجع إلى وطنه • فاتفق أن الملك الأشرف جهز قاصدا إلى المقام المشار إليه به عن آق تاو فاجتمع مع الشيخ صفاء عند المقام المشار إليه وذكر عن مالك الشام وأمور حكاهما أشياء فانكره عليه الشيخ صفاء أو عارضه فيما ذكره وحصل لآق تاو بذلك خجل أو وهن وانكسار من الملك شاهرخ المذكور وبلغ ذلك إلى الملك الأشرف فلم يسهل عليه • وكان غري الطبع ثم إن الشيخ صفاء توجه نحو القاهرة وحضر لدى الملك الأشرف فقال له مقرعا ممتنا عليه ألم أفعل معك هكذا ألم أصنع معك كذا • وجعل يعدد عليه • ما أسداه من الإحسان إليه • ثم قال له فهلا سامحت رسولي • وهب أنه تكلم بخلاف الواقع فلم لا تذكر إحساني إليك • وتعامل قاصدي ببعض ما عملت معك • وتكافئ الخير بالخير وتساعده • فإذ لم تصدقه لا كنت كذبته ولا خجلته • وإذ لم يتكلم بخير كنت سكت عن الشر • أما علمت أن حرمة الرسول من حرمة المرسل • وإن مهما فعل مع قاصد الإنسان فهو واصل به • وكان الشيخ صفاء لم يوفق في الجواب والاعتذار • ثم إنه أشبعه لعنا وشتما • وأمر به فأوسعوه ضربا ولكما • وأهانوه إهانة بالغة • وألبسه من ملابسه الخزي خلقا سابغة وكان يوما باردا فأمر به فغطسه في الماء البارد مرارا • وكان ذلك بحضرة مولانا السلطان فلم يمكنه في مبادئ ما استشاط الملك الأشرف أن يقابله بالشفاعة فإنه كان فظا غليظا • وعلم أنه إن بادر بالشفاعة ربما يزداد الحنق والغيظ فأمهله حتى تشفى بعض التشفي • ثم مشى على ما اعتاده من حسن الشفاعة والإحسان إلى الخلق بمكارم اخلاقه • فتقدم وشفع في الشيخ صفاء فشفع فيه فتقدم له كالمعاون له والمخرج له من بحرة الماء فمد يده ودخل تحت ابطه ودس له ذهبا ومالا جزيلا بين أثوابه ونبهه إليه لئلا يسقط منه فإنه أهين إهانة
58ظ
অজানা পৃষ্ঠা