يقول: مش حتنضف الوقت. البس البيجامة الخفيفة. أسأله مستنكرا: وأخرج بيها؟ - نعمل ايه؟ أكويهالك وتبقى عال. هات المكوة. أنحني وأجر المكواة الحديدية الثقيلة من أسفل السرير. يحملها إلى المطبخ لتسخينها. يعود بها مع فوطة مبللة. يبسط سترة البيجامة فوق السرير. يغطيها بالفوطة. يمر بالمكواة فوقها. ينتقل إلى الكمين ثم الظهر. يناولها لي ويكوي البنطلون. أرتديهما متأففا.
يصلي الظهر ثم يرتدي البزة البنية. نغادر المنزل. نخرج إلى الشارع. لافتة كبيرة بعرضه تهنئ «مشعل» بالعودة من الحج. «حج مبرور وذنب مغفور». نستقل الترام. «العباسية» ثم «مصر الجديدة». نمضي من أمام فيلا فخمة تجمع أمامها جمهور من السيدات البلديات. يقول أبي إنهم فقراء ينتظرون الزكاة من اللحم. وإنهم ربما سيذوقونه لأول مرة.
تستقبلنا «نبيلة» قائلة: اتأخرتوا قوي كده ليه؟ الغدا جاهز من بدري. تلتفت إلي: مين اللي حلقلك كده؟ يقول أبي: أنا. تقول: مش كنت توديه للمزين. تتحسس شعر رأسي. - شعرك أكرت زي شعر أمك. تتأمل ملابسي. تهم بالكلام ثم تلزم الصمت. تفتح أمي شراعة الباب الخارجي الزجاجية. تقول ل «نبيلة»: عايزة إيه؟ - أشوف بابا. تقول لها أمي: مش أبوكي ولا يعرفك. تغلق الشراعة في عنف. أسرع إلى الغرفة. أدفع الباب فينفتح. نست أمي إغلاقه بالمفتاح. أدخل وأخبر أبي. يتوارى بعيدا عن النافذة. تمر «نبيلة» تحتها. ترفع عينيها إلى أعلى. على شفتيها ابتسامة غريبة.
يتقدم «شوقي» و«شيرين» من أبي ليحتضنهما. ملابسهما جديدة. تتأمل «شيرين» ملابسي ثم تقول: يا خبر إنت لابس بيجامة؟ يوجه إليها عمو «فهمي» نظرة صارمة فتصمت.
نغسل أيدينا ونجلس حول المائدة. تغرف لنا «نبيلة» من سلطانية حساء اللحم. صينية رقاق ولحم خروف محمر وبامية. يحتسي أبي الشوربة بصوت مسموع. تراقبني أختي وتضبطني وأنا أحدث صوتا بشفتي فتنهرني.
نصطف بعد الأكل فوق كنبة الصالة. يستأذن «شوقي» من أبيه للعب مع الأولاد في الشارع. يقول لي عمو «فهمي»: متروح معاه. أخفض رأسي وأتأمل بيجامتي: مش عاوز.
تظهر طنط «سميرة» شقيقة عمو «فهمي» عند الباب. في صحبتها زوجها وابنتها «نادين». ينزل أبي ساقه المطوية ويرحب بهم. يتأمل «سميرة» بتمعن. طويلة وعريضة مثل أخيها. وجهها أبيض مستدير وجميل. عيناها واسعتان مكحلتان. فمها صغير ملون بالروج. يتضوع المكان بعطر منبعث من ملابسها. سترة سوداء اللون. بلوزة بياقات طويلة تعلو ياقة السترة. جونلة برتقالية مليئة بالكسرات. حذاء أبيض وأسود بكعب عال. تقرب «خضرة» مقاعد المائدة ليجلس الجميع.
زوجها موظف في وزارة المالية. يرتدي طربوشا. بزته بلون بيج. يفك زرار السترة فيكشف عن كرش مدلي فوق حافة البنطلون. «نادين» أكبر مني بسبع سنوات. لها شفتان ممتلئتان وعينان ضيقتان وصدر صغير. ترتدي بلوزة حريرية بياقة صغيرة وأكمام واسعة تنتهي بأساور ضيقة. صدر البلوزة به كشكشة عرضية وأزرار صدفية مستديرة.
تبدي أختي إعجابها بالبلوزة: الشميزيت ده يجنن. تهبط بنظراتها فوق جونلة زرقاء يعلو طرفها القدم بشبر. ثم حذاء بكعب عال تخين . - إيه ده. إيه ده. تضحك «سميرة»: الموضة يا ستي. - جبتيهم منين؟ - من «شيكوريل». قبل ما يحطوا له الديناميت بتلات أيام. تلاقيه في «شملا» و«أوريكو». - الواحدة تخاف تروح المحلات دي الوقت. - جربي شركة بيع المصنوعات.
يقول زوجها إن الوقت قد حان لأن تحل الحكومة جماعة الإخوان المسلمين. تشتكي «سميرة» من أن «نادين» تريد عمل تسريحة جديدة لشعرها حسب الموضة: خصلتان متموجتان وشعر قصير حول جانبي الرأس وفوق العنق بما يشبه القلنسوة. تضع ساقا فوق ساق. ترتفع الجونلة حتى ركبتها. ترتدي جوربا من النايلون. يتأمل أبي ربلة ساقها الممتلئة. تقول «نبيلة»: شفتي البرانيط اللي طالعين فيها الوقت. تقول «سميرة»: إن قريبة لزوجها حضرت حفل شاي أقامته الأميرة «فايزة» لجمعية المرأة الجديدة. رأت السيدات في برانيط غريبة يعلوها ريش الطيور. - أغلبهم كان لابس أسود كأنهم في جنازة. تقول «نبيلة» إن اللون الأسود ما زال هو الموضة.
অজানা পৃষ্ঠা