يسأل الشيخ المعمم: ومين قتلها؟
يقول أبي: المخابرات الإنجليزية، كانت جاسوسة للألمان. تفتح لأبي عشر دقائق يذهب فيها إلى دورة المياه. ترافقه حتى بابها وتقف خارجه إلى أن يفرغ. تعيده إلى الغرفة وهي ترمقه بصرامة. يحاول ملاطفتها فتقول: متحاولش. إنت جاسوس ألماني ولا بد من سجنك ولا تحب أبلغ البوليس وأعمل لك فضيحة بجلاجل؟ أتسلل منه إلى داخل الغرفة. تغلق الباب علينا بالمفتاح. يقول لي أبي متفكها: السجن مكتوب لي وهنا أهون من سجن الحكومة. على اليمين تكومت فوتيات الصالون فوق بعضها. وعلى اليسار انتصب السرير ذو الأعمدة النحاسية. يطلب مني أن أخرج بالقلة لأملأها وأرى ما يحدث. أطرق الباب لتفتحه. أملأ القلة وأتلصص عليها. أعود إليه بسرعة لأخبره.
يقول الدكتور «مندور»: الملكة «نازلي» هي اللي دبرت القتل. كانت بتغير منها.
أنصت في اهتمام فالحديث عن أم الملك. يستفسر أبي: وليه؟ - بسبب «أحمد حسنين» باشا. - ماله؟ - كانت عشيقته. - مين؟ أسمهان؟ - «أسمهان» الأول وبعدين «نازلي».
يتحدث عن أزمة السينما والمسرح. يقول إن المنتجين حققوا أثناء الحرب العالمية أرباحا هائلة بأفلام كوميدية وتافهة. وارتفعت أجور الممثلين إلى مستوى خيالي. وأغرى هذا كل من هب ودب بدخول ميدان الإنتاج السينمائي فانحط مستوى الأفلام وانحدرت إلى تملق الجمهور واستثارة غرائزه. أميل على أبي وأهمس في أذنه: عايز أشوف فيلم «أسمهان». يقول في ضيق: إن شاء الله.
8
يجر كرسي المكتب إلى البلكونة. الحارة مظلمة. يتراءى ضوء ضعيف في النوافذ والبلكونات. يتأفف من الحرارة. يخلع طاقيته. يحركها أمام وجهه. أقف إلى جواره. نلمح «سهام» مستندة بمرفقيها إلى حافة نافذتها. بجوارها طالب الهندسة. تقترب منا «فاطمة» وفي يدها عود من قصب السكر. ترى اتجاه نظراتنا فتقول إن «سهام» حملت من الطالب ولهذا سارعا بالزواج من سكات. يعنفها أبي: وانت مالك.
تتربع حافية عند قدميه فوق البلاط النظيف العاري. تقشر عود القصب وتقطع منه عقلة بالسكين. تقدمها إلى أبي. يقول ضاحكا إنه لا يستطيع مضغها. تعطيها لي. أطبق عليها بأسناني وأمتصها حتى آخرها ثم ألقي بالمصاصة في الطبق. تمد ساقيها أمامها. تلقي العقلة الثانية جانبا قائلة إنها مسوسة.
ينخفض ضوء المصباح الكهربائي. تقوم لإعداد مصباح الزيت تحسبا لانقطاع الكهرباء. يزعق لها: البسي الشبشب. تعود بطبق من «حب العزيز». تتربع على الأرض فينحسر ثوبها عن فخذيها. أجلس أمامها على البلاط. تتناول بضع حبات. تخفي يديها خلف ظهرها ثم تبرزهما مضمومتين. تضعهما فوق فخذيها العاريين. أقول: حادي بادي، سيدي «محمد» البغدادي، شاله كله وحطه على دي. أهوي بيدي على قبضتها اليمنى فتسحب يدها ضاحكة. تستقر يدي على فخذها العارية. يقول أبي: لظلظ. مش كده؟ أمسك لحم فخذها وأردد: لظلظ.
تقول: حتى «حب العزيز» سعره زاد. كل حاجة زادت. يقول أبي إن المصريين عانوا دائما من ظلم الحكام وغلاء الأسعار. أيام المماليك كانوا يصرخون من غلو الضرائب مرددين: «إيش يجيلك من تفليسي يا برديسي.» أطلب منه أن يحكي لنا إحدى نوادره. يقول إنه سافر مرة إلى «تركيا» وطاف بقصر «يلدز» العجيب. حماماته مصنوعة من المرمر. ومزودة بالكنيف الأفرنجي. أحس بحاجة تضغط عليه فجلس فوق واحد منها. وعندما انتهى أدار صنبور المياه وفوجئ بشيء غريب يحتك بفخذيه. كما لو كان أيديا بشرية. قفز واقفا واكتشف عدة فرش صغيرة من المياه تتحرك بخفة في اتجاهات مختلفة.
অজানা পৃষ্ঠা