نعود إلى الغرفة. أنتظر أن يعنفني لكنه لا يفعل. أحتل مكاني خلف المكتب وأفتح كراسة الحساب. يطلب مني أن أراقب «أم نظيرة» حتى لا تشرب السمن. يتربع فوق الفراش. يتناول المسبحة الطويلة ذات الحبيبات الخشبية الداكنة. يبدأ في العد عليها متمتما باسم «لطيف».
أتلصص على «أم نظيرة» من فتحة الباب. أراها تحمل إناء القلقاس وتذهب إلى المطبخ. أتبعها. أتجنب النظر إلى الكنيف. أقترب من باب المطبخ في خفة. أقف لصق الحائط. أمد رأسي قليلا محاذرا أن تراني.
تضع الحلة فوق وابور الجاز بعد أن تضيف إليها المياه. تقشر الثوم وتقطعه بالسكين إلى أجزاء دقيقة. تضعه مع السلق في قلاية معدنية بمقبض طويل. تتناول برطمان السمن. تأخذ منه ملعقة. تضيف محتوياتها إلى السلق والثوم. أحبس أنفاسي عندما تعيد الملعقة إلى البرطمان. تملؤها للمرة الثانية. هل ستشرب السمن؟ أرقب يدها وهي تتجه إلى القلاية.
أشعر بحركة خلفي. يقترب أبي في حذر. يضع يده على كتفي. يمد رأسه ليرقبها. تمسك حلة القلقاس بفوطة وترفعها عن النار. تضعها على المائدة. تضع المقلاة فوق النار. تقلب الخليط بالملعقة. تقترب برأسها لتدقق النظر. تتجه بالملعقة إلى برطمان السمن. يميل أبي برأسه ليتبين ما تفعل. تلتفت فجأة فتلمحه. تصرخ. تفلت يدها مقبض الإناء. تسيل محتوياته على الأرض. تخبط صدرها بيدها: خضتني، حرام عليك.
يلج أبي المطبخ ويزعق: حرمت عليك عيشتك، مش تاخدي بالك.
تصيح: دي مش شغلانة دي. - لمي اللي وقع.
تندفع خارجة: ابقى شوف اللي يلمه لك، أنا مش قاعدة.
يصيح أبي خلفها: في داهية.
4
نسير خلف امرأة متسربلة بملاءة اللف السوداء. تغطي وجهها بالبرقع الذي يكشف العينين ويستند إلى أسطوانة لامعة من النحاس فوق الأنف ثم يغطي الفم بنسيج شبكي. تسير بخطوات سريعة وهي تضم ملاءتها حول جسدها. أتابع بركن عيني نظرات أبي إلى مؤخرتها الممتلئة المترجرجة. أتعثر في طوبة فيعنفني: خلي بالك.
অজানা পৃষ্ঠা