فإن استدل المخالف بقول الله سبحانه وتعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا}. وقالوا: من وجد الماء المتغير فقد وجد الماء. وبقوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا}. كان لنا عنه(1) جوابان:
أحدهما : أن اسم الماء المطلق يزول عند التغير، بل يصير مضافا إلى ما تغير به.
والثاني: أنا نخص ذلك بالقياس الذي ذكرناه، فإن عارضوا قياسنا بقياسهم الذي ما اختلفنا فيه على الماء الذي خالطه شيء من الطين، كان قياسنا مرجحا على قياسهم بكثرة الأصول، وبالحظر، وبالنقل، فإن راموا ترجيح علتهم بشهادة الأصول، وقالوا: قد ثبت في الأصول أن الحكم للغالب، وهاهنا الغالب(2) هو الماء، لم يصح ذلك؛ لأن الأصول تختلف في ذلك، ألا ترى أن ماء الباقلا والصابون، وغيرهما [لايجزي التطهر به مع] أن الغلبة للماء، ومع هذا لا يجوز التطهر به، فكذلك الماء الذي يقع فيه يسير النجس، هذا إن أريد(3) بالغلبة الكثرة، فأما إن أرادوا غيرها، لم يسلم الوصف لهم.
فصل [في الوضوء بالنبيذ]
الذي يقتضي قول الهادي عليه السلام، هو المنع من الوضوء بنبيذ التمر، وقد نص عليه القاسم عليه السلام في (مسائل النيروسي)، وما استدللنا به على أن الماء إذا تغير بالمرق، أو اللبن لم يجز التوضئ به، يدل على أنه لا يجوز الوضوء بنبيذ التمر، ويمكن أن يقاس حاله إذا لم يوجد الماء على حاله، إذا وجد(4)، لأن أبا حنيفة وأصحابه لا يخالفون في أن التطهر به لا يجوز مع وجود الماء.
পৃষ্ঠা ১২