الجبريّة الذين يقولون: لا ارتباط بين الأعمال وجزائها، ولا هي أسباب لها، وإنما غايتها أن تكون أمارة.
والسنّة النبويّة هي: أن عموم مشيئة الله وقدرته لا تنافي ربط الأسباب بالمسببات وارتباطها بها.
وكل طائفة من أهل الباطل تركت نوعا من الحق فإنها ارتكبت لأجله نوعًا من الباطل، بل أنواعًا، فهدى الله أهل السنّة لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه.
الصنف الثالث: الذين زعموا أن فائدة العبادة رياضة النّفوس واستعدادها لفيض العلوم والمعارف عليها وخروج قواها من قوى النّفس السَّبُعيّة والبهيميّة، فلو عطلت العبادة لالتحقت بنفوس السباع والبهائم، فالعبادة تخرجها إلى مشابهة العقول، فتصير قابلةً لانتقاش صور المعارف فيها.
وهذا يقوله طائفتان:
إحداهما: من يقرب إلى الإسلام والشرائع. من الفلاسفة القائلين بقدم العالم وعدم الفاعل المختار.
والطائفة الثانية: من تفلسف من صوفيّة الإسلام ويقرب إلى الفلاسفة، فإنهم يزعمون أن العبادات رياضات لاستعداد النّفوس للمعارف العقليّة ومخالفة العوائد.
ثمّ مِن هؤلاء من لا يوجب العبادة إلاّ بهذا المعنى، فإذا حصل لها ذلك بقى متحيرًا في لفظ أوراده والاشتغال بالوارد منها.
ومنهم: من يوجب القيام بالأوراد وعدم الإخلال بها، وهم صنفان
1 / 59