منها غاية الإمكان، وإطراح الاهتمام بها، وعدم الاكتراث لما هو منها. ثم هؤلاء قسمان:
فعوامّهم: ظنّوا أن هذا غاية، فشمّروا إليه وعملوا عليه، وقالوا: هو أفضل من درجة العلم والعبادة، ورأوا الزّهد في الدّنيا غاية كل عبادة ورأسها.
وخواصهم: رأوا هذا مقصودًا لغيره، وأن المقصود به عكوف القلب على الله - تعالى -، والاستغراق في محبّته، والإنابة إليه، والتّوكل عليه، والاشتغال بمرضاته، فرأوا أفضل العبادات: دوام ذكره بالقلب واللسان.
ثمّ هؤلاء قسمان:
فالعارفون: إذا جاء الأمر والنّهي بادروا إليه، ولو فرّقهم وأذهب جمعهم.
والمنحرفون منهم يقولون: المقصود من القلب جمعيّته، فإذا جاء ما يفرّقه عن الله لم يلتفتوا إليه، ويقولون:
يطالب بالأوراد من كان غافلًا ... فكيف بقلب كل أوقاته ورد
ثم هؤلاء - أيضا - قسمان:
منهم: من يترك الواجبات والفرائض لجمعيّته.
ومنهم: من يقوم بها ويترك السّنن والنّوافل، ويعلّم العلم النّافع لجمعيّته.
والحق: أن الجمعيّة حظ القلب، وإجابة داعي الله حقّ الرّب، فمن آثر
1 / 47