الله بالضّر والنّفع، ولم يدر بما يحبّه ويرضاه، فتوكّل عليه في حظوظه، فأسعفه بها. وهذا لا عاقبة له، سواء كانت أموالًا أو رياسات، أو جاهًا عند الخلق، أو نحو ذلك، فذلك حظّه من دنياه وآخرته.
واعلم أن العبد لا يكون متحققًا بعبادة الله - تعالى - إلاّ بأصلين:
أحدهما: متابعة الرّسول ﷺ.
والثاني: إخلاص العبودية.
والنّاس في هذين الأصلين على أربعة أقسام:
أهل الإخلاص والمتابعة: فأعمالهم كلها لله، وأقوالهم ومنعهم وإعطاؤهم وحبّهم وبغضهم كل ذلك لله - تعالى -، لا يريدون من العباد جزاءً ولا شكورًا، عدّوا النّاس كأصحاب القبور، لا يملكون ضرًا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا. فإنه لا يعامل أحدًا من الخلق إلاّ لجهله بالله وجهله بالخلق.
والإخلاص هو العمل الذي لا يقبل الله من عامل عملًا صوابًا عاريًا منه، وهو الذي ألزم عباده به إلى الموت، قال الله - تعالى -: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾، وقال: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾، وأحسن العمل: أخلصه وأصوبه.
فالخالص: أن يكون لله، والصواب: أن يكون على وفق سنّة رسول الله ﷺ.
وهذا هو العمل الحسن المذكور في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾، وهو العمل الصالح في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾، وهو الذي أمر به النّبي ﷺ في قوله: "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد"، وكل عمل بلا متابعة فإنه لا يزيد
1 / 42