أن رجلًا أتى به إلى النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قد أذنب ذنبا، فلما وقف بين يديه قال: اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمّد، فقال ﷺ: "عرف الحق لأهله ". وأخرجه الحاكم من حديث الحسن عن الأسود بن سريع وقال: "حديث صحيح".
وأما الشرك في الإرادات والنيّات: فذلك البحر الذي لا ساحل له، وقل من ينجو منه، فمن نوى بعمله غير وجه الله - تعالى - فلم يقُم بحقيقة قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾، فإن ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ هي الحنيفيّة ملّة إبراهيم التي أمر الله بها عباده كلهم، ولا يقبل من أحد غيرها، وهي حقيقة الإسلام: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، فاستمسك بهذا الأصل، ورد ما أخرجه المبتدعة والمشركون إليه تتحقق معنى الكلمة الإلهيّة.
فإن قيل: المشرك إنما قصد تعظيم جناب الله - تعالى -، وأنه لعظمته لا ينبغي الدخول عليه إلاّ بالوسائط والشفعاء، كحال الملوك، فالمشرك لم يقصد الاستهانة بجناب الربوبيّة، وإنما قصد تعظيمه، وقال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾، وإنما أعبد هذه الوسائط لتقربني إليه، وتدخل بي عليه، فهو الغاية، وهذه وسائل، فلم كان هذا القدر موجبا لسخط الله - تعالى - وغضبه، مخلدًا في النار، وموجبا
1 / 23