তাজরিবা উন্থাবিয়্যা
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
জনগুলি
على أية حال، لم أعد بحاجة إلى تشييد حياة متخيلة، لأن كل دقيقة من حياتي الحقيقية كانت تدهشني بغرابتها. فقد ظل منزل «رمباردي بيجوين» يجتذبني بقوة. وكنت أقوم بتحليله كل يوم، فاكتشفت تفاصيل جديدة: زاوية حجر، خطا من الطحالب البحرية لم ألمحه من قبل، نقطة نظر جديدة تبدو منها ابتسامة حوريات البحر الخليعات مختلفة، ساخرة أو رقيقة، قطعة منسية من الزخارف المطلية بالذهب، أو الفسيفساء المتآكلة.
انتشيت بدراسة كل هذه الأشياء وأكثر منها. كانت للمنزل ست شرفات، وأربعة طوابق، وثماني شقق، وكان ارتفاعه تسعة عشر مترا، وطوله اثني عشر. أعجبني تناسق قياساته، وضخامة تصميمه وجرأته، واللون الأخضر للسلم الرخامي، وعاهدت نفسي أن أمتلك منزلا مشابها إذا أصبحت ثرية، وألا أنسى أو أتجاهل فسيفساء واحدة أو تمثالا واحدا من تلك التماثيل التي عهد إليها بدور الأعمدة للبناء.
كيف يمكنني إذن أن أصف شعوري إزاء حياة تامارا؟ كيف أعجبت بفوضاها، ونوبات حزنها المفاجئة، ولحظات مرحها؟
كنت أنهض أحيانا في الخامسة صباحا لأذهب معها إلى مدرسة الفروسية، حيث تمتطي حصانا اقترضته. كنا نخرج دائما قبل الفجر. فتخطر إلى جواري، بجسدها اللدن، وعزيمتها القوية، وخطواتها الواسعة، في سراويل الركوب، وحذاء بلون الظباء، فتبدو رائعة الجمال، وأكاد أبكي من الإعجاب. أتذكر كيف كانت تؤرجح سوط الركوب بغير اكتراث، وتصفر بلا مبالاة. كانت مدرسة الفروسية على حافة السهل، لهذا كنا نضطر إلى المشي نصف ساعة بين صفين من المنازل الساكنة في شوارع مهجورة، ما زالت مصابيحها تومض ثم تخبو. لكن مدرسة الفروسية في تلك اللحظة تكون في أوج نشاطها. وعلى الضوء الخافت لمصباح كهربائي ، تمر أشكال معتمة، خلف عربات محملة بالأعلاف. أحببت رائحة الحظائر، وصهيل الجياد في مرابطها، وفوق كل شيء حفيف القش عندما يحركونه بالمذراة في بطء ، ثم يتساقط بتنهيدة رقيقة تشبه تراجع الأمواج. أنا التي أستطيع التفكير دون عاطفة ما في علاقة تامارا بأبي، كنت أغار من مدرس الفروسية، وأكرهه. كان هذا الجوكي السابق، هوارد، بقامته النحيفة، وحجمه الضئيل، مجردا من أي جاذبية، لكن ما إن تلج تامارا الجانب المخصص للفرسان - بينما أبقى أنا خلف الحواجز الخشبية - حتى يجري نحوها ويناديها في ألفة تثير حنقي: اسمعي يا فتاتي! لا يمكنني أن أعطيك بلزاك اليوم! فقد خرج به العجوز فرات ليلة أمس، وما زال متعبا وعصبيا، وفمه ملتهبا. خذي بوميون أو قيصر. قيصر يألفك. هل أدعوه لك؟»
وتوافق تامارا على اقتراحه، دون أن تظهر ضيقا بطرحه الكلفة معها، وتبتسم للرجل البشع الضئيل بطريقة رفاقية لا تستخدمها معي. كانا يتحدثان عن السباقات، ويناقشان القفزات، ويذكران مباريات وددت لو أهتم بها لكني لم أفعل لأني لم أفهم شيئا بشأنها.
ثم يقول: «ها هو حصانك. دعيه يقفز قليلا ليحافظ على لياقته. وداعا يا جميلة!»
وبعد أن يربت على ظهرها، يبتعد.
ترتقي السرج بمهارة، وتتأكد من موضع الركاب، وفي اللحظة التي تستقر فيها بمقعدها، ويقرقع الجلد تحتها، أشعر بألم في قلبي كأنما ستهجرني إلى الأبد. «هيلين! ماذا تفعلين؟ لماذا بقيت؟ أراك غدا.» ودون أن تنظر إلي، تمضي خببا نحو السهل، حيث تبقى أحيانا فوق الحصان عدة ساعات.
كانت تعشق الجياد. وهذا أيضا كان يثير غيرتي، لأني لم أفهم هذا العشق. كانت تطلب مني أحيانا أن أنتظرها في مدرسة الركوب، وعند عودتها يكون وجهها متوهجا بالسرور، وقبل أن ترتدي سترتها، وهي لا تزال في بلوزة وحسب رغم البرد، تقود الحصان إلى حظيرته، وتمسح الزبد عن فمه، ثم تربت عليه في مودة، وتتحدث إليه بعض الوقت.
كان هوارد يستلطفني. وكان يظن صمتي نابعا من الخجل فيتحدث إلي أثناء ذلك: «صديقتك تحب الجياد بالتأكيد! وتعرف كيف تعاملها. مشهد ممتع! أتعرفين أني أتركها تركب دون مقابل؟ هذا لصالح الجياد إذ يحافظ على لياقتها. قليل من الناس يأتون الآن للركوب. وإنها لمتعة أن يراها المرء في السرج! لو لم تكن امرأة لكانت قد أصبحت جوكيا، وجوكيا ذا شأن.»
অজানা পৃষ্ঠা