كلا، ولا لي في البرية منجد
فستظلمين كما ظلمت بمعشر
سادوا وأكثرهم بأرضك أعبد
كم حريق وكم بلاء، أمصباح فروق هذه؟ أكذا دابها الدهر؟ لا تخمد إلا تضطرم، فنيت أو كادت، اليوم ينكرها عارفها، أكل هذا بيد القدر؟ أكذا قضي عليها يروع فيها النيام تحت ظلمات الليالي؟ ما آوت فئة إلا تكشفت فئة، لقد نسيت الثغور الابتسامات، لقد جهلت القلوب الأفراح، دجان من الدمع وتهتان يرتفع من نواحيه صياح الوالهين، الأمان الأمان، ما بقيت أرواح ولا أجساد.
فروق، لو كان حظي منك مثل أساي عليك لادعيت أني أسعد الناس، أرى بك وجوها لا عهد لي بها، كنت أفزع منها في دولة الظلم، ولما انشق صباح العدل ظننت أن سنبدل عنها بخير منها، فإذا هي ثابتة كمسامير النحس، لا تقتلعها من مكانها قوة.
ما تشتعلين وحدك، كل الأقطار العثمانية في اشتعال.
نار الحرب ونار الثورة ونار الحريق، أغيضت البحار أم جفت الينابيع أم مزقت صحائف الغيث، أم يبس الكون كله؟
لبست عليك ثياب الحداد أربع مرات في أربعة أعوام، هذه حياة الحداد، أم آلى بنوك لا يفرحون بعد الظلم، ما أشد كلف الناس بالظلم، من أجل هذا كانوا يدعون لعبد الحميد بالعمر والتأييد، علا رءوسهم فأثقلها، وأومأ إلى أكفهم فأثقلها، واشترى منهم وطنهم بثمن بخس، ثم جاد به على الخراب، ولكنه كره أن يجود به جملة وأشفق أن يجعله حطبا للنار.
تنفست أطنة عن النار وبكت الدماء، ثم كان سكوت يتخلله زفير، فاستبطأ الخطب الفريسة، فإذا دمشق ملتهبة، وإذا حيفا ملتهبة أهما تشبهتا بفروق أم هي تشبهت بهما؟ كلا، إن لفروق السبق، إن عهدها بالنار قديم، تجري النار في أوصالها كما يجري السكر في مفاصل النشوان، هي الشواء اللذيذ تسمنها الغفلة وتأكلها الخيانة.
لهفا على هدية الفاتح، لهفا على الغالية البيزانطينية حبيبة قسطنطين العظيم، سبية الفاتح العظيم، عروس خدر المجد، غانية الشرق في الغرب، المتقلبة على ترائبها الخضر حمائم الموج، الضاحكة بثغر الخليج في وجه الطبيعة، بنت الربيع، أم الخصب، مناحة البلابل، لعبة النسائم.
অজানা পৃষ্ঠা