عندما عرج كونغو مبتعدا عن طاولتهما، حل الصمت بينهما كستارة من الأسبست في أحد المسارح.
قال جيمي منتزعا ضحكة: «إنه مرح غريب الأطوار.» «إنه كذلك بالفعل.» «اسمعي يا إيلي، لنتناول كوكتيلا آخر.» «حسنا.» «يجب أن أتواصل معه وأجعله يعترف ببعض القصص عن المهربين.»
عندما مد ساقيه أسفل الطاولة لمس قدميها. فجذبتهما بعيدا. كان بمقدور جيمي أن يشعر بفكيه وهما يمضغان الطعام؛ إذ أصدرا صلصلة شديدة العلو أسفل وجنتيه لدرجة أنه ظن أن إيلي لا بد وأنها قد سمعتها. جلست أمامه في بذلة رمادية مفصلة، وعنقها منحن للأسفل في حسرة من جزء على شكل حرف
V
العاجي اللون والذي كشفت عنه ياقة قميصها النسائي المزركشة الهشة، ومال رأسها أسفل قبعتها الرمادية الضيقة، وشفتاها مخضبتان، وتقطع قطعا صغيرة من اللحم ولا تأكلها، ولا تتفوه بكلمة. «يا إلهي ... لنتناول كوكتيلا آخر.» شعر بالشلل كما لو كان في كابوس؛ فقد كانت كتمثال من البورسلين أسفل غطاء زجاجي جرسي. دار فجأة تيار من الهواء المنعش الذي غسلته الثلوج من مكان ما عبر الوهج المخشخش والمتخم في ضباب للمطعم، قاطعا عبق الطعام والشراب والتبغ. للحظة اشتم رائحة شعرها. اشتعل الكوكتيل في داخله. يا إلهي، لا أريد أن أفقد الوعي.
كانا يجلسان في مطعم محطة باريس جار دي ليون جنبا إلى جنب على مقعد من الجلد الأسود. لامست وجنته وجنتها عندما مد جسده ليضع لها في صحنها الرنجة، والزبد، والسردين، والأنشوجة، والنقانق. يأكلان بنهم، ويقهقهان وهما يتجرعان النبيذ، جافلين مع كل صيحة يطلقها أحد القطارات ...
ينطلق القطار من أفينيون، فيستيقظان وينظر كل منهما في عيني الآخر في المقصورة المليئة بالنائمين المشخرين الغارقين في النوم. ترنح متسلقا فوق السيقان المتشابكة كي يدخن سيجارة في نهاية الممر المتأرجح المعتم. ديديل دامب، جنوبا، ديديل دامب، جنوبا، تغني العجلات فوق القضبان في وادي نهر الرون. يميل من النافذة مدخنا سيجارة مكسورة ويحاول أن يدخن سيجارة متفتتة، ممسكا بإصبعه المكان الممزق بها. يسمع صوت بقبقة من الشجيرات، من أشجار الحور الفضية، على طول المسار. «إيلي، إيلي هناك عنادل تغني على طول المسار.» «أوه، كنت نائمة يا حبيبي.» تلمست طريقها إليه متعثرة عبر سيقان النائمين. وقفا جنبا إلى جنب عند النافذة في الممر المهتز المترنح.
ديديل دامب، جنوبا. سمع صوت لهث العنادل على طول المسار وسط أشجار الحور التي تقطر فضة. وفاحت ليلة ضوء القمر الملبدة بالغيوم السالبة للعقل بروائح الحدائق، وأنهار من الثوم، وورود الحقول المسمدة لتوها. تلهث العنادل.
كانت إيلي تتحدث أمامه كالدمية. «يقول إن كانت سلطة الكركند نفدت بالكامل ... أليس هذا محبطا؟»
استعاد فجأة قدرته على الحديث. «يا إلهي، لو كان هذا هو الشيء الوحيد.» «ماذا تعني؟» «لماذا عدنا إلى هذه المدينة العطنة على أي حال؟» «كنت تهمهم بمدى روعة الأمر منذ أن عدنا.» «أعلم. أظن أن هذا العنب حامض ... سأحصل على شراب كوكتيل آخر ... إيلي، بحق السماء، ما الذي حدث لنا؟» «سيصيبنا المرض إن واصلنا على هذا النهج أوكد لك.» «حسنا، ليصبنا المرض ... لتكن علاقتنا جيدة ويصيبنا المرض.»
অজানা পৃষ্ঠা