وبموت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توقف ذلك الإمداد السماوي بعد أن رسم للبشرية المنهج الذي يجب أن تمضي عليه، ووضع الأسس التي يمكن أن تتحرك من خلالها لمعرفة أحكام ما سيحدث ويتجدد في حياة الناس.
وفي عصر الصحابة واجه المسلمون تساؤلات عن تحديد المواقف العملية تجاه بعض المستجدات التي لم يفهم عوام الناس موقف الشرع منها؛ حين لم يرد بحكمها نص صريح في القرآن أو السنة، فتوجه فقهاء الصحابة إلى إمعان النظر في مصادر التشريع ومراجعة التركة العلمية التي ورثوها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستخرجوا منها ما تتطلبه الساحة من الأحكام تجاه مختلف القضايا الحادثة، معتمدين في ذلك على ثوابت وأصول مستمدة من العقل واللغة والشرع.
وشهد عصر التابعين متغيرات كثيرة كان لها أثر ملموس في الدفع بالحركة الفقهيه إلى الأمام، من أهمها:
1 دخول الدعوة الإسلامية بلدانا كثيرة متعددة الأعراف مختلفة الأوضاع يتطلب التعامل معها شيئا من المرونة والشمولية من جهة، والدقة في التحرك وفق مقاصد الشريعة من جهة أخرى.
2 بعد الزمان عن عصر التشريع مما أدى إلى شيء من الغموض في بعض النصوص والتردد في قبولها.
3 - تنامي الميراث الثقافي، حيث ترك لنا الصحابة طائفة كبيرة من الأحاديث النبوية إلى جانب اختلافهم إما في نقلها أو في فهمها.
4 انعكاسات الصراع السياسي على الحياة الثقافية حيث شجعت السياسات بعض التيارات الفكرية وتآمرت على البعض الآخر، وتدخل الحكام تدخلا مباشرا في تقرير مصير بعض المفاهيم والأحاديث بما يتناسب مع أوضاعهم السياسية.
পৃষ্ঠা ৩