( "وما كنت تتلو" "من قبله") (¬1)، من كتاب ولا تخطه بيمينك، إذا لارتاب المبطلون) (¬2)، فالجواب: أنه قال تعالى: أنه لم يتل قبل النبوة كتابا، ولا خطه بيمينه، وهذا النفي لا يتناول ما بعد النبوة، ولذلك لم يبطل بما تلاه بعد ذلك من كتاب القرآن، وما فيه من القصص، وأخبار النبيين قبله، والمرسلين على وجه اظهار المعجزات، وتبيين الآيات. وكذلك لا يبطل هذا النفي بأن يكتب بعد ذلك على مثل هذا الوجه (¬3)، وهذه كلها تعلقات ضعيفه، لمن بلغ هذا الحد من الانكار. ولم أسمع أحدا من شيوخنا، ولا بلغني عن أحد من أهل العلم أنه يدعي إبطال معجزة، ولا تغيير شريعة، ولا رد شيء من القرآن بهذه المقالة. وكفاك بقول لا سلف له فيه، ولا حظ له في إجماع المسلمين مع التمسك به. /ص92/ وإنما المسلمون في هذه المسألة بين قائلين: قائل يقول: انه_ صلى الله عليه وسلم_ كتب يوم الحديبية على حسب ما قدمناه، وقائل يقول: لم يثبت ذلك، ولو ثبت لم يكن فيه رد للشريعة/ ولا إبطال المعجزة، فمن ادعى قولا ثالثا (¬4) مثل ما ادعى هذا المنكر، فقد خالف الاجماع، وخرج عن قولي الأمة. وإنما يبلغ هذا الحد_ بانكار أقوال العلماء_ مضعوف لا بصر له بمواقع الكلام، ولا تمييز عنده للمعجز من غيره، ولا معرفة بأقوال العلماء. ولم يلق أحدا من أهل العلم فيأخذ عنه ويقتدي به، فإذا بلغه ما لم يعرفه، بادر إلى انكاره، ولم يكن عنده ايضاح حجة، ولا تعلق بدليل. فيفزع إلى التشنيع والتمويه. ليتيقن بذلك عند العوام، وحسبك أنه لا يمكنه أن ينسب قوله: إلى قائل سبقه، وامام تقدمه والا فليذكر أحدا من الأمة قال بقوله: وذهب إلى مذهبه، ولا سبيل له إلى ذلك، وبالله التوفيق.
/ص93/ الباب السادس
في بيان أصح الأقوال في هذه المسألة
পৃষ্ঠা ৬৫