ومما يعضد هذا: أن عواقب الأمور التي يؤول إليها مراعاة في ثبوت التحليل والتحريم من دون اعتبار القصد عقلا وشرعا:
أما عقلا: فإن العقل يقضي ضرورة بقبح الفعل الذي يكون سببا لقبيح.
وأما شرعا: فإن الله سبحانه وتعالى حرم شرب الخمر، وفعل الميسر، لما كان عاقبتهما التي يؤولان إليها إيقاع الشيطان العداوة والبغضاء بين المؤمنين، والصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، قال تعالى: {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}[المائدة:91]، ولم يشترط في ذلك قصدا.
وعن أبي طالب عليه السلام في (الأمالي) وأنا أرويه بالإسناد الصحيح المتصل إليه أنه قال: أخبرني أبي رحمه الله تعالى، قال أخبرنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، قال حدثنا علي بن الحسين، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، [عن ابيه] عن آبائه، عن علي عليه السلام أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يارسول الله أوصني، فقال له: ((هل أنت مستوص إن أوصيتك؟)) حتى قال له ذلك ثلاثا، في كلها يقول الرجل: نعم يارسول الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((فإني موصيك، إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته، فإن يك رشدا فامضه، وإن يك غيا فانته عنه)).
পৃষ্ঠা ৩০৯