وقد كان شيخ الإمامية وزعيمها في عصره الشيخ المفيد (رحمه الله) يكرر الرغبة في تأليف كتاب يشتمل على الأصول والمصنفات جميعها، ويحث عليه كثيرا، ويطلب من الشيخ الطوسي ذلك. ولذلك عمل كتاب الفهرست إجابة لطلبه وأداءا لحقه، كما نبه عليه في ديباجته، إلا أنه (رحمه الله) لم يبلغ ما قصده من الاستقصاء، وإن سعى في ذلك واعتذر بعدم الوصول إلى الكتب والمصنفات لانتشار الأصحاب في البلدان وتفرق كتبهم وضياع بعضها. ولذلك ترى كتاب النجاشي يشتمل على كتب جماعة كثيرة ممن لم يذكرهم في الفهرست، أو ذكرهم بغير هذه الكتب.
ثم إن هذه الكتب القيمة الثمينة التي صنفها رواة أصحابنا ومشايخهم من أصحاب الأئمة (عليهم السلام)، أو من قارب عصرهم على اختلاف مناهل هؤلاء ومشاربهم كما أشرنا إليه، تعرض كثيرها للضياع وذلك لحوادث وفتن، وحروب عبرت تلك القرون، مع قلة في نسخ تلك الكتب أو وحدتها، وفيها كتب ضخمة كبيرة جدا، وفيها ما كانت أكثر من ألفين ورقة، وما كانت تعادل حمل بعير.
وتقف على ذكر بعضها في هذا الكتاب. فلم يبق في أيدينا إلا بعض ما صنفه المقاربون لعصرهم مثل رجال البرقي وأبي عمرو الكشي واختصاص المفيد وغير ذلك، وكتب من تأخر كالشيخ الطوسي (رحمه الله).
وعند ذلك واجه أصحابنا تعيير قوم من مخالفينا (أنه لا سلف لكم ولا مصنف)، كما نص عليه النجاشي (رحمه الله) في الديباجة، فرغبه السيد الشريف رحمه الله في دفعه وتأليف كتاب في ذلك، فألف النجاشي (رحمه الله) كتابه هذا إتماما للحجة، وأبلغ غاية جهده في استقصاء الكتب. ولكن لم يستطع من ذلك معتذرا بقوله: وقد جمعت من ذلك ما استطعته، ولم أبلغ غايته، لعدم أكثر الكتب، وإنما ذكرت ذلك عذرا إلى من وقع إليه كتاب لم أذكره....
পৃষ্ঠা ৭