قيل: لما ذكر الله تعالى في الآية الأولى أن اليهود لا تود أن ينزل عليهم خير آذن بهذه الآية أنه لا يخليهم من إنزال خير بهم خلاف ما تمنى أعداؤهم، وأنه أبدا ينزل ما هو أصلح لهم [*]، عن علي بن عيسى، وقيل: لما قص أخبار اليهود ومعائبهم في أقوالهم وأفعالهم، ورد عليهم ما راموا به الطعن في أمر نبينا - صلى الله عليه وسلم - وكان مما أنكروا نسخ شريعة كانت مفروضة - بين الله تعالى جواز ذلك ردا عليهم، عن أبي مسلم.
* * *
(المعنى)
(ما ننسخ من آية) قيل: في الكلام حذف؛ لأن الآية لا تنسخ، فإما أن تريد حكم آية أو تلاوة آية، أو حفظ آية، واختلفوا في معنى ما ننسخ من آية فقيل: المراد به النسخ الذي هو الرفع، عن الحسن وأكثر أهل العلم. وقيل: المراد به النسخ الذي هو من نسخت الكتاب، عن عطاء وسعيد بن المسيب. ومن قال بالقول الأول اختلفوا على أقوال: الأول: قيل: ما ننسخ من آية، وأنتم تقرؤونها أو ننسها أي من القرآن ما قرئ بينكم ثم ننسه، عن الحسن وأبي علي والأصم، فحملوا ننسخ على نسخ الحكم دون التلاوة، وننسها على نسخ التلاوة.
والحكم الثاني: ما ننسخ من آية أي ما نبدل، فينسخ الثاني حكم الأول، و ننسها أي نتركها فلا نبدلها، فيبقى غير منسوخ، فيجب العمل به، في معنى قول ابن عباس.
الثالث: ما ننسخ من آية أي نرفعها، وننسخها بعد إنزالها. قراءة وننسأها على قراءة الهمز أي نؤخرها فلا ننزلها أصلا، وننزل بدلها ما يقوم مقامها في المصلحة، وقيل: نؤخرها إلى وقت ثان فتأتي بدلا في الوقت الأول تقوم مقامها، وعلى قراءة ننسها نتركها فلا نرفعها، بل نبقيها على حالها ليعمل به.
الرابع: ما ننسخ من آية بكتاب أو ننسها نأمر بترك العمل بها كالذي يقرأ وينسخ حكمه. وتقديره: ما نسخناه بالكتاب، وما أمرنا بتركه، ولم ننسخ بالكتاب، عن الأصم، وننسها: قيل: من النسيان، عن قتادة، وقيل: من الترك، عن ابن عباس.
পৃষ্ঠা ৫৩৮