فإن قيل: فقد روي عن الصحابة ما يدل على أن كل سحر كفر، وأن كل ساحر
يقتل؟
قلنا: أما إكفارهم لكل ساحر فلا يقتل فيه، وقتلهم للساحر محمول على أنهم عرفوا من سحره ما يوجب قتله، ومعلوم أن بالتضريب وسقي السم لا يستحق القتل وإنما فيه التعزير والحبس على ما يراه الإمام.
وأما الفصل السادس: فقيل: إنه يقتل، ولا يستتاب، ولا تقبل توبته؛ لأن مع كفره جمع السعي في الأرض بالفساد، إلا أن تكون توبته قبل القدرة، فتقبل كحكم الساعي في الأرض بالفساد، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه - رضي الله عنهم، وقيل: لا تقبل توبته أصلا، ويقتل بمنزلة الزنديق؛ لأن كفره يثبت سرا، ولا يوثق بتوبته، وهذا قول مالك، وذكر الشيخ أبو بكر - رحمه الله - عن مالك أن ساحر أهل الكتاب لا يقتل إلا أن يضر بالمسلمين، فيقتل لنقض العهد. وقيل: تختلف حاله، فإن كان سحره كفرا فهو كالمرتد، وإن كان احتيالا فهو كالجاني، فإن قتل بجنايته أجري عليه أحكام القتل من قود أو دية، وهذا قول الشافعي ، ومن أصحابه من يقول: للسحر حقيقة، فلا بد أن يحمل على التفصيل الذي ذكرناه.
قوله تعالى: (ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون (103)
* * *
(اللغة)
المثوبة والثواب والأجر نظائر، وأصل الثواب: ما رجع إليك من شيء، وبذلك سمي الثواب؛ لأنه العائد على صاحبه مكافأة ما فعل، وأصله الثوب، وهو الرجوع، يقال: ثاب إليه: رجع، وحد الثواب: الجزاء على العمل بالإحسان.
পৃষ্ঠা ৫৩০