[ مسند عبد الله بن عباس ]
[ 1 من حديث خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله ]
[ ... ]
قال أبو جعفر : وفيه البيان البين أن خلى مكة حرام اختلاؤه
واختلف السلف من أهل العلم في الرعي في خلاها وهل ذلك من الاختلاء الذي دخل في نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم ذلك غير داخل فيه
فقال بعضهم : ذلك غير داخل في نهيه عن اختلاء خلاها ولا بأس بالرعي فيها
পৃষ্ঠা ৭
ذكر من قال ذلك
1 حدثنا ابن حميد قال حدثنا هرون بن المغيرة عن عنبسة عن ليث عن عطاء وطاوس ومجاهد قالوا لا بأس بالرعي فيها غير أنهم قالوا لا يخبط
2 حدثنا ابن حميد قال حدثنا هرون عن عنبسة عن ابن أبى ليلة قال لا بأس بالرعى فى الحرم
وعلة قائل هذه المقالة أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن اختلاء خلى مكة دون الرعى فيها والراعى فيها غير مختل فيها لأن المختلى هو الذي يقطع الخلى بنفسه فأما إذا رعى ماشيته فيها فغير مختل
وقال آخرون غير جائز الرعى فى خلاها فإن الرعى فيه أكثر من الاختلاء
পৃষ্ঠা ৮
ذكر من قال ذلك
3 قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد لا يرعى إنسان في حشيش الحرم لأنه لو جاز أن يرعى فيه جاز أن يحتش إلا الإذخر
وعلة قائل هذه المقالة تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهى عن احتشاش حشيش مكة بقوله ولا يجذ خلاها واختلاء الخلى استهلاك له وإماتة وإرعاء المواشى فيه حتى ترعاه أكثر من احتشاشه في الاستهلاك والإماتة
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال غير جائز لأحد أن يرسل ماشيته في خلى الحرم لترعاه فأما إن أفلتت ماشيته فرعت فلا حرج عليه لأن إرعاء الماشية فيه تسبيب لاستهلاكه كما قطع ما فيه من الحشيش تسبيب لاستهلاكه وهو منهى عن ذلك فكذلك إرعاء الماشية فيه
وقالوا جميعا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اختلاء خلاها هو اختلاء ما نبت مما أنبته الله فلم يكن لآدمي فيه صنع فأما ما نبته المنبتون فلا بأس باختلائه وقد ذكر ذلك عن جماعة من السلف
পৃষ্ঠা ৯
ذكر من انتهى منهم إلينا قوله في ذلك
4 حدثنى سعيد بن يحيى الأموي قال حدثنا عيسى بن يونس قال حدثنا ابن جريج عن عطاء قال ما أنبت على مائك فهو لك حل
5 حدثنا ابن بشار قال حدثنا مؤمل قال حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء قال ما أنبت ماؤك في الحرم من البقل وأشباهه فكل ومالم ينتبه ماؤك من الشجر فلا تأكل
6 وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد كل شيء أنبته الناس فلا شيء على قاطعه وكل شيء مما أنبته الناس فقطعه رجل فعليه قيمته
والصواب من القول في ذلك عندنا ما قالوه وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى أن يختلى خلاها والمعقول في متعارف الناس بينهم إذا نسبوا حشيشا إلى موضع فقالوا هذا حشيش بلدة كذا أنه يعنى به الحشيش الذي ينبته الله جل ثناؤه مما لا صنع فيه لبني آدم فأما ما ينبته الناس ويزرعونه لمنافعهم فإنهم يخصونه بأسماء معروفة لها فلذلك قلنا إن الخلى الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختلائه هو ما أنبته الله جل ثناؤه مما لا صنع فيه للآدميين من الأحشة دون ما نبته الآدميون مع إجماع الجميع على أن ذلك كذلك فخلى مكة حرام اختلاؤه على الحلال والحرام خلا الإذخر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استثناه مما حرم اختلاءه من خلاها
فإن قال لنا قائل فما أنت قائل في اجتناء الكمأة منها
قيل لا بأس
পৃষ্ঠা ১০
فإن قال أو ليس ذلك مما أحدثه الله تعالى ذكره مما لا ينبته بنو آدم ولا صنع لهم فيه
قيل بلى ولكنا لم نشرط فيما أوجبنا تحريم إتلافه مما في الحرم كل ما أحدثه الله تعالى ذكره فيه مما لا صنع للآدميين فيه وإنما حرمنا من ذلك ما كان حشيشا أو شجرا مما ينبت أصله في الأرض
فأما عدا ذلك فغير حرام ولو وجب أن يكون كل ما أحدثه الله فيه مما لا صنع فيه لبني آدم حراما استهلاكه لوجب أن يكون حراما شرب ما في آباره التي أحدثها الله فيه وكسر أحجاره والانتفاع بترابه
وفي إجماع الجميع على أن لا بأس بشرب مياه آباره الظاهرة والانتفاع بترابه الدليل الواضح على أن مما أحدث الله خلقه في حرمه مما لا صنع لآدمي فيه ما هو مطلق أخذه والانتفاع به واستهلاكه ومن ذلك الكمأة فإنها غير مستحقة اسم خلى ولا شجر وهو كبعض ما خلق فيها من الحجر والمدر والمياه وبالذى قلنا قال بعض السلف
7 حدثنى محمد بن عمر بن على المقدمى قال حدثنا أبو بحر البكرواي عن الحجاج عن عطاء قال لا بأس بأن تجتنى الكمأة من الحرم
8 حدثنا عبد الحميد بن بيان القناد قال أخبرنا أبو بحر البكراوى عن الحجاج عن عطاء مثله
পৃষ্ঠা ১১
9 وحدثنى عمرو بن عبد الحميد الآملى قال حدثنا عبد الرحمن بن عثمان البكراوى عن الحجاج بن أرطأة قال كان عطاء لا يرى بأسا أن تجتنى الكمأة من الحرم
10 وحدثنى يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم قال أخبرنا حجاج عن عطاء أنه كان لا يرى بأسا أن تجتنى الكمأة من الحرم
وقد خالف الحجاج ابن جريج في روايته عن عطاء هذا الخبر
11 حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا سفيان عن ابن جريج أنه كره أن تجتنى الكمأة من الحرم
غير أنا ألحقنا الكمأة إذ كان لا أصل لها في الأرض ثابت بنظيرها مما أجمع المسلمون على أنه جائز استهلاكه والانتفاع به من المياه وأشباهها
পৃষ্ঠা ১২
وفيه أيضا البيان البين أنه غير جائز قطع أغصان شجر مكة وفروعها لقول النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعضد شجرها وإذا لم يكن جائزا قطع أغصان شجرها التى أنشأ الله خلقها فيها مما لا صنع فيه لبنى أدم فقطع شجرها التى هى كذلك أحرى أن يكون النهى فيه أوكد والحظر فيه أثبت وإذ كان ذلك كذلك وكان الشجر عند العرب كل ما قام على ساق فثبت من نبات الأرض كان صحيحا قول القائل غير جائز لأحد قطع شجر الحرم الذى أنبته الله مما لا صنع فيه لأحد من بنى آدم
12 فإن قال قائل فإذ كان الأمر كالذى وصفت فى شجر الحرم الذى لم ينبته بنو آدم فما أنت قائل فيما
حدثكم به ابن حميد قال حدثنا هرون عن عنبسة عن ابن أبى نجيح قال كان عطاء لا يرى بأسا أن يؤخذ من شجر الحرم ما عفا للسواك والعود
13 حدثنى على بن الحسن بن سالم الأبى الأزدى قال حدثنا المعافى ابن عمران الموصلي عن الربيع عن الحسن أنه لم ير بأسا أن يقطع الشجر اليابس من الحرم
قيل قد خالف من ذكرت في قولهم هذا من نظرائهم من قوله أولى بالصحة من قولهم وذلك ما
14 حدثنا ابن حميد قال حدثنا هرون عن عنبسة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد أنه كره أن يؤخذ من شجر الحرم لدواء ولا لغيره
15 حدثنا عبدا لحميد بن بيان الواسطى قال أخبرنا إسحق يعنى الأزرق عن شريك عن العلاء بن المسيب عن عبد الرحمن بن الأسود أنه قال لا يؤخذ من شجر مكة إلا ما سقط منها فيبس وذرته الريح
16 حدثنا ابن حميد قال حدثنا هرون عن عنسبه عن أبى سهل محمد بن سالم عن الشعبى قال لا يحل للحلال أن يقطع من شجر الحرم إلا الإذخر
পৃষ্ঠা ১৩
وإن قال هل على من قطع من شجر الحرم شيئا شىء
قيل قد اختلف السلف قبلنا في ذلك فنذكر ما قالوا فيه ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
فقال بعضهم على من قطع من ذلك شيئا جزاء
وقد اختلف قائلو ذلك في ذلك الجزاء فقال بعضهم في الدوحة العظيمة من شجر الحرم إذا قطعها قاطع بقرة أو بدنة وفي الصغيرة منها طعام يطعمه المساكين
ذكر من قال ذلك
17 حدثنا أبو كريب قال حدثنا ابن أبى زائدة قال أخبرنا ابن جريج عن عطاء في الدوحة تقطع في الحرم بقرة
18 حدثنى يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم قال أخبرنا بعض أشياخنا قال سمعت عطاء يقول فيمن قطع شجرة من شجر الحرم الدوحة ونحوها قال عليه بدنة وما دون ذلك على قدر ذلك
19 حدثنا تميم بن المنتصر الواسطى قال أخبرنا إسحق قال أخبرنا شريك عن العلاء بن المسيب عن عطاء قال في الشجرة الضخمة يقطعها المحرم بقرة وفي الشجر الصغار طعام يطعمه
20 حدثنا أبو كريب قال حدثنا ابن يمان عن ابن جريج عن عطاء قال في الدوحة يصيبها المحرم بقرة وقال الدوحة الشجرة العظيمة
পৃষ্ঠা ১৪
وعلة قائلى هذه المقالة القياس على إجماع الجميع على أن في أعظم ما أصاب المصيب من الصيد في الحرم البدنة من البدن إذ كان ذلك مما نهى الله تعالى ذكره عن إصابته فيه فكذلك في أعظم ما أصاب المصيب من شجره فيه البدنة ثم فيما هو أصغر منه على قدره كما ذلك كذلك في الصيد يصيبه المصيب فيه على قدر كبر المصاب وصغره
وقال آخرون منهم إذا أصاب المصيب شيئا من شجر الحرم فإنه يحكم عليه في ذلك ذوا عدل
ذكر من قال ذلك
21 حدثنا ابن حميد قال حدثنا هرون عن عنبسة عن محمد بن سالم أبى سهل عن الشعبى في الرجل يقطع من شجر الحرم قال يحكم عليه فى ذلك ذوا عدل
22 وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إذا قطع رجل من شجرة من شجر الحرم فعليه قيمتها بالغة ما بلغت
فإن بلغت هديا كان عليه هدى وإلا قوم طعاما فأطعم كل مسكين نصف صاع من حنطة
قالوا والهدى بمكة والصدقة حيث شاء
وقالوا إذا لم يجد الهدى أو الطعام فلا يجزى فيها صيام
وقالوا إن أصابها القارن فقيمة واحدة وكذلك إن قطع ذلك رجلان فعليهما قيمة واحدة
وعلة قائلى هذه المقالة على إجماع الجميع فيما لا مثل له من الصيد من النعم يصيبه المصيب في الحرم أن عليه قيمته يحكم بذلك ذوا عدل
পৃষ্ঠা ১৫
فكذلك الواجب في الشجرة يصيبها المصيب في الحرم أن يحكم فيها ذوا عدل إذ كان لا مثل لها من النعم
23 وقال آخرون لا شىء على من قطع الشجرة من شجر الحرم إلا الاستغفار والتوبة
ذكر من قال ذلك
حدثنا يعقوب بن إبرهيم قال حدثنا هشيم عن حجاج قال سألت عطاء بعد ذلك مرارا يعنى بعد ما قال فيمن قطع شجرة من شجر الحرم الدوحة ونحوها عليه بدنة وما دون ذلك على قدر ذلك فقال يستغفر الله ويتوب ولا يعود ولا شىء عليه
24 حدثنى يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال قال مالك ابن أنس وذكر الذى ذكر فى قطع الشجر في الحرم وما ذكره أهل مكة فى الدوحة بقرة وفي كل غصن شاة فقال لم يثبت عندنا ولا نعلم فى قطع الشجر شيئا معلوما غير أنه لا يجوز لمحرم ولا حلال أن يعقر شيئا من شجر الحرم ولا يقطع شيئا منه
وقد روى عن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه فى ذلك خبر يدل على أنه لم يكن يوجب فيه شيئا وذلك ما
25 حدثنى يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم قال أخبرنا حجاج وعبد الملك عن عطاء عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه رأى رجلا يقطع من شجر الحرم ويعلفه بعيرا له قال فقال على بالرجل
পৃষ্ঠা ১৬
فأتى به فقال يا عبد الله أما علمت أن مكة حرام لا يعضد عضاهها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمعرف قال فقال يا أمير المؤمنين لا والله ما حملنى على ذلك إلا أن معى نضوا لى فخشيت ألا يبلغنى أهلى وما معى من زاد ولا نفقة قال فرق له بعدما هم به قال وأمر له ببعير من إبل الصدقة موقر طحينا فأعطاه إياه وقال لا تعودن أن تقطع من شجر الحرم شيئا
فهذا الخبر ينبىء عن أن عمر رضي الله عنه إنما تقدم إلى الذى رآه يقطع من شجر الحرم ويعلفه بعيرا له بالنهى عن العود لمثل ما فعل من قطعه ذلك ولم يأمره بجزاء ولا كفارة لما قطع منه
والصواب من القول فيما على من قطع من شجر المنهى عن قطعه أن يقال عليه قيمة ما قطع منه وذلك لصحة الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهى عن قطعه نظير صحة الخبر عنه بالنهى عن تنفير صيده وقتله
وقد أجمع الجميع من سلف الأمة وخلفهم على أن على قاتل صيده المنهى عنه جزاء فكذلك الواجب من الحكم على قاطع شجره المنهى عن قطعه أن يكون عليه جزاؤه نظير ما على قاتل صيده المنهى عن قتله لا فرق بين ذلك
ومن فرق بين ذلك سئل البرهان على الفرق بين ذلك من أصل أو نظير فلن يقول في أحدهما شيئا إلا ألزم في الآخر مثله
فإن اعتل بالإجماع في الصيد والاختلاف في الشجر
পৃষ্ঠা ১৭
قيل فرد حكم ما اختلف فيه من قطع الشجر على ما أجمع عليه من حكم قتل الصيد فيه إذ كلاهما إتلاف ما قد نهى عن إتلافه وفعل ما قد حظر فعله وإن اختلفا في أن أحدهما صيد والآخر شجر
وإذ كان صحيحا ما قلنا من إيجاب قيمة ما قطع من شجر الحرم على من قطعه بالغا ذلك ما بلغ فبين أن على من قطع من فروع شجرة من شجر الحرم فرعا أو من أغصانها غصنا قيمة ذلك الغصن كما على من جرح صيدا من صيد الحرم ولم يتلفه ذلك الجرح فعليه قيمة ما نقص ذلك الصيد إذ كان عليه غرم جزائه إذا أتلف جميعه فكذلك ذلك في حكم قاطع بعض فروع شجر الحرم وأغصانها عليه قيمة ما أفسد منها بالقطع يحكم بذلك ذوا عدل كما عليه قيمة جميعها إذا قطع جميعها
وفيه أيضا البيان البين على أن صيد الحرم حرام اصطياده وذلك أنه صلى الله عليه وسلم إذ كان صحيحا عنه النهى عن تنفير صيده فاصطياده أوكد في التحريم من تنفيره
فإن قال لنا قائل فإنك اعتللت في إيجابك الجزاء على من قطع شيئا من شجر الحرم الذى لا ينبته بنو آدم بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قطعه وأنه لما صح النهى عنه بذلك وكان مجتمعا على قاتل صيده أن عليه جزاءه كان نظيرا له قاطع بعض أشجاره فيما يجب عليه من جزائه بقطعه وقد صححت نهيه عن تنفير صيده أفتقول فيما يجب على منفره من الجزاء مثل ما على قاطع شجره وقاتل صيده
পৃষ্ঠা ১৮
قيل أوجب ذلك إن أداه تنفيره إياه إلى هلاكه وكان تنفيره ذلك سبب عطبه كما أوجب عليه قطعه في شجره الجزاء إذ كان قطعه إياه سببا لموته وهلاكه فأما إن لم يكن تنفيره إياه سببا لهلاكه وعطبه أو هلاكا لشىء منه لم يكن بتنفيره شىء غير التوبة والندم
وقد حكى عن عطاء أنه كان يقول يطعم شيئا
26 وحدثنا ابن حميد قال حدثنا هرون عن عمرو عن الحجاج عن عطاء فيمن أخذ طائرا في الحرم ثم أرسله قال يطعم شيئا لما نفره
فإن فعل فاعل ما ذكرت ما قاله عطاء فمحسن مجمل غير أن ذلك غير واجب عليه عندنا
وقد روى عن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه نحو القول الذى قلناه
27 حدثنا ابن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن الحكم عن شيخ من أهل مكة أن حماما كان على البيت فخرى على يد عمر رضى الله عنه فأشار بيده فطار فوقع على بعض بيوت مكة فجاءت حية فأكلته فحكم عمر كرم الله وجهه على نفسه بشاة
فلم ير عمر رحمه الله لما نفر الحمامة الواقعة على البيت بتنفيره إياها عليه شيئا حتى تلفت فلما تلفت وكان عنده أن سبب تلفها كان من تنفيره إياها ألزم نفسه جزاءها فجزاها
وذلك هو الحق وإنما استجاز عمر رضوان الله عليه تنفيره من الموضع الذى كان واقعا عليه مع علمه أن تنفير صيده غير جائز لأن الطائر الذى نفر ذرق على يده فكان له طرده عن الموضع الذى يلحقه أذاه في كونه فيه
পৃষ্ঠা ১৯
وكذلك كان عطاء يقول في نحو معنى ذلك
28 حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو عاصم قال أخبرنا ابن جريج قال قلت لعطاء كم في بيضة من بيض حمام الحرم قال في بيضة نصف درهم وفي البيضتين درهم ويحكم فيه قال وقال إنسان لعطاء بيضة وجدتها على فراشى أميطها عن فراشى قال نعم قلت لعطاء بيضة وجدتها فى سهوة أو فى مكان من البيت قال فلا تمطها
فرأى عطاء أن المميط عن فراشه بيضة من بيض حمام الحرم في الحرم غير حرج ولا لازمه في إماطته إياها شىء لأن في تركه إياها على فراشه عليه أذى ولم ير جائزة إماطتها عن الموضع الذى أذى عليه في كونها فيه فكذلك كان مما كان من فعل عمر رضى الله عنه في إطارته الحمامة التي طيرها إذ ذرفت على يده من الموضع الذى كانت واقعة عليه
وأما قوله ولا تلتقط لقتطها إلا لمعرف فإنه يقول القائل فيه وهل لملتقط غير الحرم التقاط لقطة لغير التعريف فيخص الحرم بأن لقطتها لا تحل إلا لمعرف
فيقال له إن معنى ذلك بخلاف ما ظننت
وإنما معنى ذلك ولا يحل التقاط لقطتها إلا للتعريف خاصة دون الانتفاع بها
পৃষ্ঠা ২০
وذلك أن اللقطة فى غيرها لواجدها الانتفاع بها بعد تعريفها حولا على أن ضامنها لصاحبها إذا حضر وليس ذلك لملتقطها فى الحرم إنما له إذا التقطها فيه تعريفها أبدا من غير أن يكون له الانتفاع بها أو بشىء منها في وقت من الأوقات حتى يأتيه صاحبها
وقد حكى شبيه بهذا المعنى فى هذا الخبر عن عبد الرحمن بن مهدي
29 حدثنى أحمد بن يوسف قال حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال سألت عبد الرحمن بن مهدى عن قوله لا تحل لقطتها إلا لمنشد فقال إنما معناه لا تحل لقطتها كأنه يريد البتة
فقيل له إلا لمنشد فقال إلا لمنشد وهو يريد المعنى الأول قال أحمد قال أبو عبيد ومذهب عبد الرحمن في هذا التفسير كالرجل يقول والله لا فعلت كذا وكذا ثم يقول إن شاء الله وهو لا يريد الرجوع عن يمينه ولكن لقن شيئا فلقنه فمعناه أنه ليس يحل للملتقط منها إلا إنشادها فأما الانتفاع بها فلا
পৃষ্ঠা ২১
وهذا الذى رواه أبو عبيد عن عبد الرحمن في قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف والتفسير الذى فسره كما حكى عنه فى ذلك وإن كان قد أصاب المعنى المراد من الخبر فلم يصب معنى الكلمة وذلك أن القائل إذا قال والله لا فعلت كذا وكذا ثم قال إن شاء الله وهو لا يريد الرجوع يمينه ولكن لقن قوله إن شاء الله فلقنه استثناءه وقوله إن شاء الله عند من يقول لا يصح الاستثناء فى اليمين إلا أن يكون المتكلم به قاصدا الاستثناء مريدا به الثنيا عن يمينه لا معنى له وإنما هو عنده بمنزلة الكلمة تجرى على لسان المتكلم به لعادة جرت بلسانه
وإذا كان ذلك كذلك لم يكن له معنى فى الكلام وكان لغوا
وليس كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا يلتقط لقطتها إلا لمعرف بل لاستثناء المعرف من ملتقطى لقط الحرم بإباحته له التقاطه دون غيره معنى مفهوم وفائدة ليست في قوله ولا تلتقط لقطتها عظيمة أدركت بقوله إلا لمعرف
وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لو كان قال لا تلتقط لقطتها ولم يقل إلا لمعرف لم يكن لأحد من الناس التقاط لقطة مكة لا للتعريف ولا لغيره
فلما قال إلا لمعرف أبان بذلك من قوله أن لواجدها التقاطها للتعريف
غير أنه لما كان من سنته عليه السلام في اللقطة يلتقطها الملتقط فى غير الحرم أن لملتقطها الاستمتاع بها بعد تعريفها حولا وكان الحرم مخصوصا بما خص به بتحريم ما أطلق فى غيره من سائر البلاد غيره كتحريمه عضد شوكه وشجره وعضاهه وتنفير صيده كان فى الأغلب من نهيه عن لقطتها أن يلتقطها إلا المعرف أنه قد خصه من ذلك بما لم يعم سائر البلاد غيره كما خصه في صيده وشجره وشوكه بما لم يعم به غيره من البلاد
فلم يكن له وجه يوجه إليه يصح معناه غير الذى قلناه من أنه صلى الله عليه وسلم إذ أباح للمعرف التقاط لقطته ولم يطلق له الاستمتاع بها بعد تعريفه إياها مدة موقتة كما أطلق ذلك فى لقط سائر البلاد غيره أنه لا شىء له من التقاطها إلا التعريف وأنه إن أخذها ليسلك سبيل غيره لقط سائر البلاد وغيرها فى أنه إذا عرفها سنة أو ثلاث سنين أو أكثر من
পৃষ্ঠা ২২
ذلك استمتع بها إن لم يأت صاحبها كان آثما متقدما على نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لها بأخذه إياها كذلك ضامنا إن هلكت فى يده كان عليه غرمها لصاحبها متى جاء عرفها بعد أخذه إياها كذلك أو لم يعرفها لأن أخذه إياها مريد بها الاستمتاع بعد مدة تأتى من تعريفه إياها أخذ منه لها بخلاف ماأذن له بأخذها فحكمه فى ذلك حكم أخذ لقطة في غيرها للاستمتاع بها لا لتعريفها المدة التى أمر بتعريفها إليها
وحكى عن آخر غير عبد الرحمن بن مهدى فى ذلك أنه قال يعنى صلى الله عليه وسلم بقوله لا تحل لقطتها إلا لمنشد الا للطالب الذى يطلبها وهو ربها وقال يقول فليست تحل إلا لربها
ثم قال أبو عبيد وهذا حسن فى المعنى ولكنه لا يجوز فى العربية أن يقال للطالب منشد إنما المنشد المعرف والطالب الناشد يقال منه نشدت الضالة أنشدها نشدا إذا طلبتها فأنا لها ناشد ومن التعريف أنشدتها إنشادا فأنا منشد
قال ومما يبين لك أن الناشد هو الطالب حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال أيها الناشد غيرك الواجد قال ومعناه لا وجدت كأنه دعا عليه قال وأما قول أبى داود وهو يصف الثور فقال
ويصيخ أحيانا كما استمع
المضل لصوت ناشد
পৃষ্ঠা ২৩
فإن الأصمعى أخبرنى عن أبى عمرو بن العلاء أنه كان يعجب من هذا
قال وأحسبه قال هو أو غيره أنه أراد بالناشد أيضا رجلا قد ضلت دابته فهو ينشدها يطلبها ليتعزى بذلك
وهذا الذى استشهد به أبو عبيد على فساد قول من وجه قول النبي صلى الله عليه وسلم إلا لمنشد إلا لطالب على لفساد موضحه لو لم يكن عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك رواية بغير اللفظ الذى رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن أكثر الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم فى ذلك أنه قال ولا يلتقط لقطتها الا معرف أو لمعرف أو لمن عرفها ففى ذلك مستغنى عن الاستشهاد على فساد قول القائل فى تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم إلا لمنشد إلا لطالب لأن الطالب لا يقال فى لغة من اللغات معرف
وقد أبان قول النبي صلى الله عليه وسلم إلا لمعرف أنه عنى به الملتقط المعرف دون الطالب وأن لا وجه لقول القائل عنى بقول النبي صلى الله عليه وسلم إلا لمنشد الطالب يعقل
পৃষ্ঠা ২৪
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه قبل زيادة معنى ليس في حديث ابن عباس وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ولى قتيل العمد مخيرا بين القود من قاتل وليه وأخذ الدية منه بقوله ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى وإما أن يقاد
وفي ذلك من قوله عليه السلام تحقيق قول القائلين بإيجاب الخيار لولي قتيل العمد بين القود والدية أحب ذلك القاتل أو كرهه وبطول قول المنكر الخيار له في ذلك إلا عن اصطلاح من القاتل وولى القتيل عليه الزاعمين أن لا شيء لولى قتيل العمد غير القود إذا لم يرض القاتل بإعطائه دية قتيله
পৃষ্ঠা ২৫
فإن سألنا سائل فقال إن الخبر بتخيير ولى قتيل العمد بين القود وأخذ الدية إنما رويته لنا عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد رويت عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وغير عكرمة عنه من وجوه شتى وعن ابن عمر وأبي شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم خطبته في اليوم الذي روى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فيه فذكر تخييره فيها ولى القتيل عمدا فلم يذكر أحد منهم ذلك عنه في خطبته في ذلك اليوم
وروى أيضا عن أبي سلمة محمد بن عمرو عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فلم يذكر في حديثه عنه من ذلك ما ذكر يحيى بن أبي كثير في حديثه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهل من خبر تأثره لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير حديث يحيى بن أبي كثير أو حجة يعتمد عليها سواه
قيل إن يحيى بن أبي كثير أمين على ما انفرد به من رواية خبر ثقة غير متهم على ما نقل من أثر وفيه فيما روى من ذلك كفاية
غير أن الأمر وإن كان كذلك فإن الذي روى من معنى ذلك لم ينفرد به دون جماعة من الثقات روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى ما روى من ذلك
فإن قال فاذكر لنا بعض ذلك لنعرفه
قيل
পৃষ্ঠা ২৬