وجود المقتضى للانفعال الا ان الغليان مطهر له كما في العصير ومنها ما دل على نجاسة سؤر اليهودي والنصراني فإنه يشمل المضاف وكل مايع ثم إن مورد أكثر هذه الأخبار وإن كان ظاهرا في القليل الا ان المستفاد منها ان العلة في الانفعال هي الملاقاة للمايع ولو كان كثيرا بل يستفاد من أدلة اعتصام الكثير المطلق ان كرية الماء عاصمة والا فالمقتضى للانفعال في الكثير أيضا موجود كما يشهد بذلك استناد عدم الانفعال إلى الكرية فهى مانعة وإذا استند عدم الشئ إلى وجود مانعه دل على وجود المقتضى له ولذا كان استناد الفقير الذي لا يملك شيئا في ترك التجارة إلى خوف الطريق قبيحا عرفا بل كذبا لان ظاهر الاستناد إلى ذلك وجود المقتضى للتجارة فيه ثم إن تنجس المايع بالنجس يستلزم تنجس الجامد الرطب باعتبار ما عليه من الرطوبة إذ لا نعنى بنجاسة الثوب الا قيام رطوبة نجسة به فثبت ان كلا من المايع والجامد ينجس بملاقات النجاسة نعم هنا شك من بعض المتأخرين في تنجس الشئ بملاقات المتنجس الذي ليس معه نجاسة عينية بل قوى عدمه لاستظهار ذلك من بعض الأخبار و فيه منع الظهور ومعارضته بكثير من الاخبار مع كونه اجماعيا بل ضروريا عند المتشرعة بقى الكلام في أن السراير في المضاف على نحوها في المطلق فلا يسرى من السافل أولا بل عدم السراية في المطلق انما خرج عن عموم الملاقاة بالاجماع والضرورة قولان أظهرها وأشهرها الأول بل الظاهر أنه مذهب الكل عدا سيد مشايخنا في مناهله مدعيا شمول اطلاق فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم على انفعال المضاف بالملاقات لما إذا كان المضاف عاليا وفيه ان ظاهرهم تنجس المضاف مطلقا على نحو تنجس المطلق القليل بل الملاقاة في كلامهم غير معلوم الشمول لهذا الفرد خصوصا عند من لا يرى اتحاد العالي مع السافل وبالجملة فالقاعدة المتقدمة المستفادة من الاخبار أعني نجاسة المايع الملاقى للنجس لم يعلم شموله للاجزاء العالية من المايع الملاقى بعضه للنجس فلا حظها جميعا بل المركوز في أذهان المتشرعة عدم السراية ولذا استقرت سيرتهم على العمل على ذلك بل صرح في الروض بأنه لا يعقل سراية النجاسة من الأسفل إلى الاعلى وهو وإن كان ممنوعا الا ان دعويه كاشفة عن عدم وجدانه الخلاف في ذلك عن أحد من العقلاء فضلا عن العلماء هذا كله مضافا إلى الاجماع الظاهر من كلام غير واحد منهم الشهيد الثاني في الروض ومنهم السيد العلامة الطباطبائي في المصابيح في خصوص ماء الورد في منظومته حيث قال وينجس القليل والكثير منه ولا يشترط التغير ان نجسا لاقي عدا جار على الملاقى باتفاق من خلا وادعى صاحب المدارك القطع بعدم السراية ولا فرق عند التأمل بين دعوى القطع ودعوى الاجماع ودعوى التواتر التي ذكر المحقق الثاني انها لا تقتصر عن دعوى الاجماع ولم اقف على كلام في ذلك لمن قبلهم الا انه يمكن ان يستظهر من جماعة كالمحقق والعلامة وابن إدريس في مسألة إزالة الخبث بالمضاف عدم السراية حيث إنهم ذكروا من أدلة عدم جواز الإزالة بالمضاف ان ملاقاة المضاف للنجس يوجب تنجسه ولو كان العالي وما في الاناء منفعلا عندهم بملاقات النجاسة لكان أشنع في الزامه وأنسب بالذكر قال في المعتبر في بيان أدلة المنع الثاني ان ملاقاة النجاسة موجب للنجاسة والنجس لا يزول به النجس لا يقال لما ارتفعت النجاسة بالماء معا تنجسه بالملاقات فكذا المايع لأنا نمنع نجاسة الماء مع وروده على النجاسة كما هو مذهب علم الهدى في الناصريات أو نقول مقتضى الدليل المنع فيهما ترك العمل به في الماء اجماعا لضرورة الحاجة انتهى ونحوه ما في المنتهى والسرائر مع الاقتصار في الأول على الوجه الثاني في دفع النقض وفى الثاني على الوجه الأول ومرجع الوجه الثاني إلى تنجس الماء عند الغسل وقيام الدليل على التطهر ومعلوم ان تنجسه مختص بالجزء المنصوب على النجس فعلم من ذلك أن الزام القائل بجواز الإزالة بتنجس هذا المقدار دون باقي المضاف الكائن في الاناء ومرجع الوجه الأول إلى أن ورود الماء يوجب عدم انفعاله ولو كان قليلا والمراد عدم انفعال المقدار المصبوب لا الباقي في الاناء وبالجملة فكلامهم ظاهر في أن احتجاجهم على القائل بجواز الإزالة بالمضاف بنجاسة نفس المقدار المصبوب من المضاف بالملاقات وتقدم انه لو كان النجاسة سارية إلى العالي وما في الاناء كان الا نسب بل اللازم ذكر ذلك ولم يبق موقع للنقض بالماء المطلق فان عدم السراية فيه إلى العالي وما في الاناء من أبده البديهيات ولم يحتج إلى التقصي بالاجماع وضرورة الحاجة كما لا يخفى وعلى كل حال فالقول بعدم السراية متعين لان دليل النجاسة كما تقدم إما القاعدة المستفادة من تتبع الاخبار واما المستفادة من أدلة الكرية الدالة على أنه مانع ولولاه لكان المقتضى للانفعال موجودا في النجاسات لان دليل السراية باطل كما تقدم في الماء المطلق إما القاعدة فالاتصاف انه لم يستفد منها الا السراية إلى المساوى أو السافل خصوصا بعد مشاهدة السيرة العظيمة المستقرة على ذلك مع اطلاعهم على نجاسة المضاف بالملاقات واما ما ذكر من أدلة مانعية الكر عن الانفعال وقيام المقتضى في نفس النجاسات بعد تسليم عدم ظهور اختصاص ذلك بالماء ليس فيه تعرض لكيفية التنجيس لان قول الشارع الشئ الفلاني منجس أو مطهر لا دلالة فه على كيفية التطهير ولا التنجيس الا ببيان تفصيلي من الشارع أو اجمالي يكشف عنه ما هو المركوز في أذهان المتشرعة والبيان التفصيلي مفقود والاجمالي المكشوف عنه في الأذهان هي السراية مع تساوى السطوح أو علو النجاسة دون غيرهما بل عرفت من روض الجنان انه لا يعقل سراية النجاسة إلى العالي والظاهر أن
পৃষ্ঠা ৪৬