[128] قلت حاصل هذا الكلام ان يعرفهم ان فى قول القائل كان كذا ولا كذا ثم كان كذا وكذا مفهوما ثالثا وهو الزمان وهو الذى يدل عليه لفظ كان بدليل اختلاف المفهوم فى هذا المعنى فى الماضى والمستقبل وذلك انه اذا قدرنا وجود شىء ما مع عدم آخر قلنا كان ولا كذا واذا قدرنا عدمه مع وجوده فى المستقبل قلنا يكون كذا ولا كذا فتغير المفهومين يقتضى أن يكون ههنا معنى ثالث ولو كان قولنا كان كذا ولا كذا لا يدل لفظ كان على معنى لكان لا يفرق قولنا كان ويكون .
[129] وهذا الذى قاله كله بين بنفسه لكن هذا لا شك فيه عند مقايسة الموجودات بعضها الى بعض فى التقدم والتأخر اذا كانت مما شأنها أن تكون فى زمان فاما اذا لم تكن فى زمان فان لفظ كان وما اشبهه ليس يدل فى امثال هذه القضايا الا على رباط الخبر بالمخبر مثل قولنا وكان الله غفورا رحيما وكذلك ان كان احدهما فى زمان والآخر ليس فى زمان مثل قولنا كان الله ولا عالم ثم كان الله والعالم فلذلك لا يصح فى مثل هذه الموجودات هذه المقايسة التى تمثل بها .
[130] وانما تصح المقايسة صحة لا شك فيها اذا ما قسنا عدم العالم مع وجوده لان عدمه مما يجب أن يكون فى زمان ان كان العالم وجوده فى زمان فاذا لم يصح ان يكون عدم العالم فى وقت وجود العالم نفسه فهو ضرورة قبله والعدم يتقدم عليه والعالم متأخر عنه لان المتقدم والمتأخر فى الحركة لا يفهمان الا مع الزمان .
পৃষ্ঠা ৭১