تفسير القرآن
পৃষ্ঠা ৬৭
تفسير سورة الحمد
قال الإمام القاسم بن إبراهيم عليه السلام :
بسم الله الرحمن الرحيم
( الحمد لله )، تأويل : ( الحمد لله ) فهو الشكر لله (على نعمه وإحسانه ، والتحميد لله والثناء عليه) (1)، ومن الحمد قيل : محمود وحميد (2)، كما يقال من الجود : جواد ومجيد.
والله لا شريك له ، فهو الذي تأله إليه القلوب ، ويستغيث به في كل كرباته المكروب ، وإليه يجأر الخلق كلهم جميعا ويألهون ، وإياه سبحانه يعبد البررة الأزكياء ويتألهون ، دون كل إله ورب ومعبود ، وإياه يحمدون في كل نعمة قبل كل محمود.
وتأويل : ( رب العالمين ) (2) فهو : السيد المليك ، الذي ليس معه فيما ملك مالك ولا شريك.
وتأويل قوله سبحانه : ( العالمين ) فيراد به (3) الخلق أجمعون ، الباقون منهم والفانون ، والأولون منهم والآخرون.
وتأويل : ( الرحمن )، فهو : ذو الغفران والمن والإحسان.
وتأويل : ( الرحيم ) (3)، فهو : العفو عن الذنب العظيم ، والناهي عن الظلم والفساد ، لما في ذلك من رحمته للعباد ، ضعيفهم وقويهم ، وفاجرهم وبرهم.
وتأويل ( مالك يوم الدين ) (4) فهو : مالك أمر يوم الدين ، الذي لا ينفذ أمر في ذلك اليوم غير أمره ، ولا يمضي فيه حكم غير حكمه ، والملك (4): من الملك ، والمالك: من الملك ، وهما يقرءان جميعا ، وكلاهما معا (فلله ، فهو يوم الجزاء والثواب
পৃষ্ঠা ৬৯
والعقاب ، وإنما سمي الدين لما يدان أي يجازى) (1) قال : معنى يوم الدين فهو يوم يدان العاملون أعمالهم ، ويجزون يومئذ (2) بهداهم وضلالهم.
( إياك نعبد ) فهو : نوحد ونفرد.
( وإياك نستعين ) (5) نسأل العون على أمرنا ، وتوفيقنا لما يرضيك عنا.
( اهدنا ) وفقنا وأرشدنا.
( الصراط المستقيم ) (6) والصراط : هو السبيل ، الذي ليس فيه زيغ ولا ميل ، قال جرير :
أمير المؤمنين على صراط
إذا اعوج الموارد مستقيم
و ( المستقيم ) فهو الطريق الواضح الذي افترضه الله إلى الطاعة ، المعتدل الذي ليس فيه عوج ولا ميل ، فهو لا يجور بأهله عن قصده ، ومنه قوله تعالى : ( ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ) [الأعراف : 82].
( صراط الذين أنعمت عليهم ) يقول : طريق الذين أنعمت عليهم من عبادك الصالحين ، الذين وفقتهم وهديتهم لرشدهم.
( غير المغضوب عليهم ) تأويل ذلك غير المغضوب عليهم منك.
( ولا الضالين ) (7) يقول : ولا صراط الضالين بالهوى والعمى عنك ، لأنه قد ينعم جل ثناؤه في هذه الدنيا على من يضل عنه ومن لا يقبل ما جاء من الهدى والأمر والنهي ، ولمن يغضب جل ثناؤه عليه من الكافرين ، يقول : اهدنا صراطا غير صراط الذين غضبت عليهم ، والمغضوب عليهم في هذا الموضع : فهم اليهود ( ولا الضالين ) يقول : ولا صراط الضالين ، والضالون : فهم في هذا الموضع النصارى (3).
পৃষ্ঠা ৭০
تفسير سورة الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل : ( قل أعوذ برب الناس ) (1) (هذا أمر من الله لنبيه أن يتعوذ ، وأن يقول هذا القول ، ومعناه : أستجير وألوذ برب الناس) (1)، فالرب : هو السيد المليك (مالكهم وفاطرهم ، والقادر عليهم والرازق لهم) (2).
( ملك الناس ) (2) والملك : فهو الذي ليس له في ملكه شريك (3) معارض.
( إله الناس ) (3) والإله : فهو الذي تأله إليه ضمائر القلوب ، وهو الرب الذي ليس بصنع ولا مربوب.
وتأويل ( من شر )، فهو : من كل مفسد مضر. وتأويل ( الوسواس الخناس (4) الذي يوسوس في صدور الناس ) (5) فهو : ما وسوس في الصدور ( من الجنة والناس ) (6)، والموسوس فقد يوسوس ، بحضوره في الصدور ويخنس ، وقد تكون الوسوسة من الموسوس في الصدر (4)، ما يكون فيه من الذكر والخطر. وخنوس الوسواس مفارقته وغيبته عن الصدور ، ووسوسته فما ذكرنا من الخطر والحضور ، وما ذكر الله عز وجل في ذلك من الوسواس ، فقد يكون كما قال الله سبحانه : ( من الجنة والناس ) (6)، والناس (فهم الآدميون فأمر الله نبيه أن يتعوذ من شر شياطين الجن والأنس ، وشر شياطين الجن والإنس فهم المغوون المردة الملاعين من جني أو إنسي.
وفي ذلك ما يقول الله سبحانه : ( شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى
পৃষ্ঠা ৭১
بعض ) [الأنعام : 112] ، وشياطين الإنس أقوى على الإنسان وأشد عليه من شياطين الجن.
وتأويل ( الوسواس الخناس ) فهو : الشيطان الخانس ، فهو يخنس عن أعين الناس فلا يرونه ، ومعنى يخنس : فهو يغبى فلا يرى ، فهو الشيطان عليه لعنة الله يوسوس بحضوره في الصدور من الذكر والخطرة ، بالوسوسة والإغواء والفسق والردى ، حتى يدخل بحب (1) المعاصي في الصدور) (2)، وقد تكون الوسوسة من الفريقين بالمشاهدة والمحاضرة ، وقد تكون منهما الوسوسة بالذكر والخطرات الخاطرة ، وأي ذلك كان في الصدور بخاطرة تخطر ، أو حضور فهي وسوسة (3)، من شيطان أو إنسان ، بما يجول منهما في الصدور والجنان (4).
تفسير سورة الفلق
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته عن قول الله سبحانه : ( قل أعوذ برب الفلق ) (1)؟
تأويل ( قل أعوذ برب الفلق ) (1) (5) أعوذ : هو أستجير ، وتأويل الرب : فهو
قال الإمام زيد بن علي عليه السلام : ما من مولود إلا وعلى قلبه الوسواس الخناس ، فإذا عقل فذكر الله تعالى خرج ذلك من قلبه. تفسير الغريب / 415.
وقوله تعالى : ( ومن شر غاسق إذا وقب ) فالغاسق الليل ، وقوله تعالى : ( ومن شر النفاثات في
পৃষ্ঠা ৭২
السيد المليك الكبير ، وتأويل الفلق : فهو الفجر إذا انفلق ، وكذلك يقول الناس : انفلق الفجر وبدا ، إذا تبين وظهر وأضاء ، وفي ذلك وبيانه أشعار كثيرة لا تحصى ، لشعراء الجاهلية الأولى.
( من شر ما خلق (2) ومن شر غاسق إذا وقب (3) ومن شر النفاثات في العقد (4) ومن شر حاسد إذا حسد ) (5)، فأمر الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يستعيذ به من شر خلقه في النهار كله ، وأن يستعيذ به من شر جميع خلقه في ليله ، ولا يكون شر إلا في ليل أو نهار ، وإلا بعد غسق أو انفجار.
والفلق : فأول الفجر وفلوقه ، قال لبيد :
الفارج الهم مسودا عساكره
كما يفرج جنح الظلمة الفلق (1)
والغسق : فأول الليل. وغسوقه : ظلمته ، كما قال ابن عباس : غسق الليل أول الليل
عن أبي حاتم عن زيد بن علي عن آبائه قال : الفلق جب في قعر جهنم عليه غطاء فإذا كشف عنه خرجت منه نار تصيح منه جهنم من شدة حر ما يخرج منه) الدر المنثور 6 / 418.
روى أبو عبد الله العلوي مؤلف الجامع الكافي رحمه الله في كتابه أسماء الرواة التابعين عن الإمام زيد بن علي عليهما السلام فقال : حدثنا محمد بن الحسين بن غزال الحارثي الخزاز ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن عمرو الجهني قال : حدثنا محمد بن منصور المقري ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن بن مروان ، قال : حدثنا الحسن بن فرقد ، قال : حدثنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أمير المؤمنين أبي الحسين زيد بن علي عليهما السلام عن آبائه عن أمير المؤمنين الوصي علي صلى الله عليه وسلم في قوله تبارك اسمه : ( قل أعوذ برب الفلق ) قال عليه السلام : الفلق : جب في قعر جهنم عليه غطاء إذا كشف ذلك الغطاء خرجت منه نار تصيح جهنم من شدة حر ما يخرج منه).
أخبرنا أبو جعفر بن محمد الجعفري قراءة ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدثنا الحسن بن العباس بن أبي مهران الرازي ، قال : حدثنا سهل بن عثمان الرازي ، قال : حدثنا الحكم بن ظهير ، عن السدي عن الإمام الأعظم أبي الحسين زيد بن علي عليهما السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، أنهم قالوا : الفلق : جب في قعر جهنم عليه غطاء فإذا كشف عنه خرجت منه نار تصيح جهنم من شدة حر ما يخرج منه). (مخطوط).
পৃষ্ঠা ৭৩
وظهوره وظلمته ، فقد أتى على ذلك كله استجارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستعاذته ، وغسق الليل ووقوبه : فهو وجوبه.
وأمر الله سبحانه رسوله (1) صلى الله عليه وآله وسلم مع استعاذته به من شر الليل والنهار ، أن يستعيذ به لا شريك له من شر السواحر والسحار ، والسواحر : هن النفاثات في العقد (وأمره أن يستعيذ به من شر الحاسد عن الحسد إذا حسد) (2)، والنفث : فهو التفل على العقدة إذا عقدت ، والعقد : فهي عقد (3) يعقدها السواحر في خيط أو سير ، وسواء كان العقد كبيرا أو غير كبير ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالاستعاذة من شر الحاسد عند حسده ، من مباينته بجسده (4).
تأويل ( إذا ) هاهنا عند ، وسواء قيل : عند ، أو إذا ، معنى هذا هو معناه ، (وشر الحاسد ما يكون من ضره ومكره وعداوته وكيده وغير ذلك) (5) ، وليعلم إن شاء الله من قرأ تفسير هذه السور الثلاث وما بعدها من التفسير ، أن كل ما فسرنا من ذلك كله فقليل من كثير ، وأن كل سبب من كلمات الله فيه فموصول بأسباب ، عند من خصه الله بعلمها من أولي النهى والألباب ، لا ينتهى فيه إلى استقصائه ، ولا يوقف منه على إحصائه ، كما قال سبحانه : ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ) (49) [الكهف : 109] ، فكلام الله جل ثناؤه في الحكمة والتبيين والهدى ، فما لا يدرك له أحد غير الله منتهى ولا مدى ، وكلام غير الله في الحكمة وإن كثر وطال ، وتكلم منه (6) قائله بما شاء من الحكمة فأقصر أو أطال ، فقد يدرك غيره من الخلق غايته ومنتهاه ، وكل وجه من وجوه كلامه فلا يفتح وجها سواه ؛ لأن علمه ينفد ، وكله فيحصى
পৃষ্ঠা ৭৪
يعد ، وكلمات الله سبحانه كما قال لا تنفد بإحصاء ، ولا يؤتى على ما فيها من خفايا العلم باستقصاء ، وقليل علمها فكاف بمن الله كثير ، وكلها فضياء ونور وهدى وتبصير (وبعد : فإنا بالله نستعين نعلم بأن غيرنا ممن لعله سيقرأ كتابنا هذا وتفسيرنا ، أن لو لا ما رأينا في الناس ، من الغفلة والحيرة والالتباس ، في معرفة ما جعل الله عز وجل لكتابه من سعة من المخارج ، وأبان به وفيه من جواد المناهج ، التي قرب لرحمته سبلها ، وخص بعلم قصدها أهلها ، لما تكلفنا إن شاء الله من ذلك ما تكلفنا ، ولا عنينا فيه بوصف ما وصفنا ، لما ينبغي أن يكون عليه اليوم من اهتدى ، فوهبه الله عصمة ورشدا ، من الشغل بخاصة نفسه ، والوحشة من ثقته وأنسه ، ولكنا أحببنا أن يعلم من جهل ما قلنا من سعة فنون الكتاب المكنون ، لما جعل فيه من العلم لأولي الألباب ، سيوقن أن للكتاب ظهورا وبطونا ، وأن فيه بإذن الله لأولي الألباب علما مكنونا ، لا يظفر أبدا به ، إلا من كان مريدا فيه لربه ، والحمد لله رب العالمين لا شريك له) (1).
تفسير سورة الإخلاص
بسم الله الرحمن الرحيم
سألت أبي رحمه الله عن قول الله سبحانه : ( قل هو الله أحد ) (1)؟
فقال : الأحد : هو الواحد.
وعن قوله سبحانه : ( الصمد ) (2)؟
فقال : الصمد : هو النهاية والمعتمد ، الذي ليس وراءه مصمود ، ولا سواه إله معبود، ( لم يلد ) تبارك وتعالى ولدا ؛ فيكون لولده أصلا ومحتدا ، ( ولم يولد ) (3) فيكون حدثا مولودا ، ويكون والده قبله شيئا موجودا ، ( ولم يكن له كفوا أحد ) (4)، والكفؤ : فهو المثل والنظير ، والأحد : فهو ما قد تقدم فيه (2) منا
পৃষ্ঠা ৭৫
البيان والتفسير ، فهو الله الأحد الواحد الذي ليس كالآحاد ؛ فيكون له ند في وحدانيته من الأنداد ، وأنه هو الأحد الصمد ، والنهاية في الخيرات والمعتمد ، الذي ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) [الشورى : 11] (1).
تفسير سورة المسد
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته رحمة الله عليه عن قوله : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) (1)؟
وقال زيد بن علي : الصمد الذي إذا أراد شيئا أن يقول له : كن فيكون ، والصمد : الذي أبدع الأشياء فخلقها أضدادا وأصنافا وأشكالا وأزواجا ، وتفرد بالوحدة بلا ضد ولا شكل ولا مثل ولا ند). مجمع البيان للطبرسي 10 / 566.
وقال أيضا ( لم يلد ولم يولد ) معناه ليس بوالد ولا مولود ( ولم يكن له كفوا أحد ) معناه : شبه ، ويقال : لم يلد ولم يتولد منه شيء ، ولم يتولد هو من شيء ( ولم يكن له كفوا أحد ) ليس له شبه ولا نظير ، وليس كمثله شيء. تفسير الغريب / 423.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام : الله : معناه المعبود الذي يأله فيه الخلق ، ويؤله إليه ، الله المستور عن إدراك الأبصار ، المحجوب عن الأوهام والخطرات ، ومثله عن الباقر أيضا : الأحد : الفرد المتفرد ، والأحد : الواحد بمعنى واحد ، وهو المتفرد الذي لا نظير له ، وفيه أيضا عن الإمام الحسين بن علي عليه السلام أنه قال : الصمد : الذي قد انتهى لسؤدده. والصمد : الدائم الذي لم يزل ولا يزال ، والصمد : الذي لا جوف له ، والصمد : الذي لا يأكل ولا يشرب ، والصمد : الذي لا ينام. وفيه عن الباقر عليه السلام : والصمد : السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر ولا ناه. وعن محمد بن الحنفية : الصمد : القائم بنفسه ، الغني عن غيره. وعن زين العابدين عليه السلام : الصمد: الذي لا شريك له ، ولا يؤده حفظ شيء ، ولا يعزب عنه شيء. وفيه عن عبد خير قال : سأل رجل عليا عليه السلام عن تفسير هذه السورة؟ فقال : قل هو الله أحد بلا تأويل عدد ، الصمد بلا تبعيض بدد ، لم يلد فيكون موروثا هالكا ، ولم يولد فيكون إلها مشاركا ، ولم يكن له من خلقه كفؤا أحد. مجمع البيان 6 / 280.
পৃষ্ঠা ৭৬
فقال : أبو لهب : هو عبد العزى بن عبد المطلب ، وتأويل ( تبت ) فهو : خابت وخسرت ، فيما رجت وقدرت. واليدان : فهما اليدان المعروفتان ، وهما مثل قد كان يضرب به لمن خاب وخسر فيما يطلب ، ( وتب ) يعني : أبا لهب كله ، فيما عليه من أمره وماله.
( ما أغنى عنه ماله وما كسب ) (2) تأويله : ما أجزأ عنه ماله وكسبه إذ هلك عند الله سبحانه وعطب بضلاله ، وسيئ أعماله.
( سيصلى نارا ذات لهب ) (3) وذات اللهب من النيران : فهي ذات التوقد الشديد والاستعار ، ( وامرأته حمالة الحطب ) (4)، تأويله : فقد تبت امرأته معه تبابه في الهلكة والعطب ، وتأويل ( حمالة الحطب ) (1)، فقد يكون : حملها للنائم والكذب ، الذي كانت تكذبه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وتأتي به زوجها وتنقله إليه ، وتنقله إلى غيره ممن كان من الكفر في مثل ما هي وما هو فيه ، لتفسد بكذبها وتغري ، وتكثر نمائمها وتسري ، على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله ، كما يكثر ويسري الكذوب النمام ( في جيدها حبل من مسد ) (5) وجيدها : فهو عنقها ، والجيداء من النساء : فهي التي قد تم في طول العنق خلقها.
وتأويل ( حبل من مسد )، فهو : الحبل الوثيق المحصد ، وقد يكون حبل من قد ، والقد : فقد يكون من جلود الإبل ، وهو أوثق ما يكون من الأحبال ، وهو مثل يضرب لمن يحمل كذبا أو زورا ، ليلقي به بين] الناس عداوة وشرورا.
وقد قال بعض من فسر فيما ذكرنا من امرأة أبي لهب وأمرها : إن تفسير حملها للحطب إنما كانت تحمل الشوك فتطرحه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ممره ومسلكه ، وقالوا : إن ( حبل من مسد ) هو حبل من ليف.
পৃষ্ঠা ৭৭
تفسير سورة النصر
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته أيضا رحمة الله عليه عن قول الله سبحانه : ( إذا جاء نصر الله والفتح (1) ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ) (2)؟
فقال : تأويل جاء : هو (1) أتى ، وتأويل النصر : هو ما يفعل من الظهور والقهر ، والفتح من الله فهو : حكم الله بالإمضاء ، فيما حكم به وأوجبه من الجزاء ، لمن أحسن بإحسانه ، ومن عصى بعصيانه ، وهو الذي طلب شعيب عليه السلام ومن آمن معه من الله فقالوا : ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ) [الأعراف : 89] ، يريدون احكم بيننا وبينهم بالحق يا خير الحاكمين ، فاجزهم جزاءهم ، وعجل إخزاءهم.
وتأويل ( ورأيت الناس ) فهو : رؤيتهم يدخلون ، فيما جئت به من الملة والدين. والأفواج من الناس : فهو ما يرى من الجماعات ، التي تأتي من القبائل والنواحي المختلفات ، شبيه بما كان يفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من وفود القبائل والبلدان ، من عقيل وتميم وأهل البحرين وعمان ، ومن كل الأمم فقد كان وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقدم ، فآمن بالله جل ثناؤه وبرسوله وأسلم.
( فسبح بحمد ربك )، تأويل فسبح : فاخشع واشكر لله حامدا له فيما يرى بعينه ، من إظهار الله له ولدينه ، وصدق وعده في إظهاره على من ناواه ، وما أراه من ذلك بنصره له بكل (2) من والاه ، في أيام حياته ، وقبل حمام وفاته.
وتأويل ( واستغفره إنه كان توابا ) (3) فأمره بالاستغفار ، إذ تم ما وعده الله من الإظهار ، وتأويل التواب : فهو العواد بالرحمة ، وبالنعمة منه بعد النعمة ، وقد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أنزلت ( إذا جاء نصر الله
পৃষ্ঠা ৭৮
والفتح ) إليه وأمر فيها بالاستغفار ، ورأى ما رأى من الإظهار ، قال عليه السلام : (نعيت إلي نفسي وأخبرت (1) بعلامات موتي) (2)، فصدق في ذلك كله نصر الله من الله الخبر ، حين أتاه من الله الفتح والنصر ، فتوفي صلى الله عليه وآله وسلم ظاهرا منصورا ، وقبضه إليه بعد أن جعل ذنبه كله له عنده مغفورا ، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه فيه ، صلوات الله عليه : ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا (1) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما (2) وينصرك الله نصرا عزيزا ) (3) [الفتح : 1 3] ، فنحمد الله على ما خصه في ذلك من نعمائه ، ونسأل الله أن يزيده في الدنيا والآخرة من كراماته (3).
تفسير سورة الكافرون
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته أيضا رحمة الله عليه عن تفسير : ( قل يا أيها الكافرون (1) لا أعبد ما تعبدون (2) ولا أنتم عابدون ما أعبد (3) ولا أنا عابد ما عبدتم (4) ولا أنتم عابدون ما أعبد (5) لكم دينكم ولي دين ) (6)؟
فقال : أمر من الله جل ثناؤه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول لمن كفر بربه (4)، ولم يوقن بما أيقن من توحيد الله به : لست أيها الكافرون بعابد ما تعبدون مع
পৃষ্ঠা ৭৯
الله ، ولستم عابدين من التوحيد بما أنا به عابد الله ، وما أنا على حال بعابد لما تعبدون من الأصنام ، ولا أنتم بعابدين لله بالتوحيد والإسلام ، وكذلك من الله ، الأمر فيمن أشرك بالله ، ما كانت الدنيا والى يوم التناد ، فليس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعابد لغير الله ، ولا هم بالتوحيد لله بعابدين ، والصدق بحمد الله ذي المن والطول ، في ما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول به من القول ، لا مرية في ذلك ولا شبهة ، ولا يختلف فيه بمن الله وجهة ، ولذلك وكد فيه من القول ما أكد ، وردد فيه من التنزيل ما ردد (1).
تفسير سورة الكوثر
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته عن تأويل : ( إنا أعطيناك الكوثر ) (1)؟
فقال : تأويله : آتيناك ، وآتيناك : هي وهبناك الكوثر ، والكوثر : فهو العطاء الأكبر ، وإنما قيل : كوثر من الكثرة ، كما يقال : غفران من المغفرة ، فعرف الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وغيره من عباده ، بما من الله عليه من نعمته ومنه وإرشاده ، التي أقلها برحمة
وفي تفسير فرات الكوفي بسنده إلى جعفر بن محمد عليهما السلام قال : لما نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( ولو لا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ، إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ) [الإسراء : 74] قال : تفسيرها قال قومه : تعالى حتى نعبد إلهك سنة ، وتعبد إلهنا سنة ، قال : فأنزل الله عليه ( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ... ) إلى آخر السورة.
وفي المسائل المفردة (مخطوط) للإمام الهادي عليه السلام قوله عز وجل ( قل يا أيها الكافرون ) نزلت في الأسود بن المطلب ، والوليد بن المغيرة ، وأمية بن خلف ، وابن العاص عرضوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعبدوا ما يعبد ، ويعبد ما يعبدون.
পৃষ্ঠা ৮০
الله كثير ، وأصغرها بمن الله فكبير ، لا يظفر به إلا بمن الله ، ولا يصاب أبدا إلا بالله.
وتأويل ( فصل لربك وانحر (2) إن شانئك هو الأبتر ) (3): فأمر منه سبحانه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يصلي صلاته كلها لربه ، وربه : فهو الله تبارك وتعالى الذي أنعم عليه من النعم والكرامة بما أنعم به ؛ لأنه قد يصلي كثير من المصلين لغير الله مما يعبدون ، ويصلي أيضا بعض أهل الملة بالرياء وإن كانوا يقرون ويوحدون.
وأمره سبحانه إذا نحر شيئا من النحائر قربانا لربه ، ألا ينحره عند نحره له إلا لله وحده ربه ؛ لأنه قد كان ينحر أهل الجاهلية للأصنام والأوثان ، ويشركون في نحائرهم بينها وبين الرحمن ، ويذكرون أسماء آلهتهم عند نحرها ، ويذكرون الله جل ثناؤه عند ذكرها ، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) [الأنعام : 121] ، يعني اسمه خالصا ، وما لم يكن له جل ثناؤه من النحائر والذبائح خالصا.
وأخبر سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن من شنأه فأبغضه من البشر ، فهو مخذول ذليل أبتر ، ليس له عز مع بغضه له وشنأته ولا منتصر ، إكراما من الله جل ثناؤه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى آله ، وإخزاء لمن شنئه وأبغضه ، ولم يؤد إلى الله في محبته فرضه ، فنحمد الله على ما خص به رسوله من كراماته ، وأوجب على العباد من محبته وولايته ، وقد قيل : إن الكوثر نهر في الجنة خص الله رسوله به ، وجعله جل ثناؤه في الجنة له ، وقالوا : إن شانئه الأبتر المذكور في هذه الآية قصده هو عمرو بن العاص السهمي خاصة ، وتأويل ذلك إن شاء الله وتفسيره ، هو كل من شنئه عمرو كان أو غيره (1).
وقوله تعالى ( فصل لربك وانحر ) معناه : صل بجمع ، وانحر بمنى ، ويقال : وانحر معناه استقبل القبلة ، وقوله تعالى : ( إن شانئك هو الأبتر ) معناه مبغضك ، وعدوك الذي لا عقب له ، وذلك العاص بن وائل السهمي ، ويقال : كعب الأشرف اليهودي. تفسير الغريب / 410.
পৃষ্ঠা ৮১
تفسير سورة الماعون
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته صلوات الله عليه عن تأويل : ( أرأيت الذي يكذب بالدين (1) فذلك الذي يدع اليتيم (2) ولا يحض على طعام المسكين (3) فويل للمصلين (4) الذين هم عن صلاتهم ساهون (5) الذين هم يراؤن (6) ويمنعون الماعون ) (7)؟
فقال : تأويل ( أرأيت ) هو تعريف ، وتبيين من الله وتوقيف ، لرسول الله صلى الله عليه وآله ، ولمن آمن بما أنزل من الوحي والكتاب إليه ، لا رؤية مشاهدة وعيان ، ولكن رؤية علم وإيقان ، كما يقول القائل لمن يريد أن يعرفه شيئا إذا لم يكن ذلك الشيء له ظاهرا جليا : أرأيت كذا وكذا يعلم علمه ، يريد بأرأيت توقيفه على أن يعرفه ويعلمه ، على حدود ما فهمه منه وأعلمه ، فأعلم الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ومن نزل عليه معه وبعده هذا البيان ، أن الذي يكذب بيوم الدين من الناس أجمعين ، ويوم الدين : فهو يوم يجزي الله جل ثناؤه العاملين ، بما كان من أعمالهم ، في هداهم وضلالهم ، وهو يوم البعث حين يدان كل امرئ بدينه (1)، ويرى المحسن والمسيء جزاء العامل منهما يومئذ بعينه (2)، وتكذيب المكذب بيوم الدين ، فهو : ارتيابه وإنكاره فيه لليقين ، وذلك ، ومن كان كذلك ، فهو الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين ، ولارتيابه فيه وتكذيبه ، ولقلة يقينه به ، دع اليتيم ودعه له : هو دفعه ، عن حقه ومنعه ، وتكذيب المكذب بالدين ، لم يحض غيره على إطعام المسكين ، وفيه وفي
وأخرج الزبير بن بكار ، وابن عساكر عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : توفي القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة ، فمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو آت من جنازته ، على العاص بن وائل وابنه عمرو فقال حين رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إني لأشنؤه. فقال العاص بن وائل : لا جرم لقد أصبح أبتر ، فأنزل الله ( إن شانئك هو الأبتر ). الدر المنثور 8 / 653.
وأخرج ابن سعد ، وابن عساكر أنها نزلت في العاص بن وائل السهمي. الدر المنثور 8 / 652.
পৃষ্ঠা ৮২
أمثاله ما يقول الرحمن الرحيم : ( فويل للمصلين )، يعني : من غير أبرار المتقين ، وهم الفجرة الظلمة المنافقون ، ( الذين هم ) كما قال الله سبحانه : ( عن صلاتهم ساهون )، والساهون : فهم الذين هم (1) عن صلاتهم ووقتها لاهون ، ليس لهم عليها إقبال ، ولا لهم بحدود تأديتها اشتغال ، فنفوسهم عن ذكر الله بها ساهية ، وقلوبهم بغير ذكر الله فيها لاهية، ( الذين هم يراؤن ) وهم : المراءون الذي ترى منهم عيانا الصلاة ، وقلوبهم بالسهو والغفلة عن ذكر الله مملاة.
( ويمنعون الماعون ) هو ما جعل الله فيه العون من المرافق كلها ، التي يجب العون فيها لأهلها ، من غير مفروض واجب الزكوات ، وما ليس فيه كثير مئونة من المعونات ، مثل نار تقتبس ، أو رحى أو دلو يلتمس ، وليس في بذله ، إضرار بأهله ، وكل ذلك وما أشبهه ، فماعون يتعاون به ، ويتباذله بينهم المؤمنون ، ومانعوه بمنعه له من طالبه فمانعون ، وهم كلهم بمنعه لغيرهم فذامون.
وما ذكر الله سبحانه من قوله : ( فويل للمصلين ) فقول لمن كان قبله ، من ذكره بمنع الماعون ، موصول في الذم والتقبيح ، وما يعرف في التقبيح فصغيره صغيره ، وكبيره كبيره ، وكله عند الله فمسخوط غير رضي ، وخلق دني من أهله غير زكي (2)، تجب مباينته ، ولا تحل مقارنته ، إلا لعذر فيه بين ، وأمر فيه نير ، والحمد لله مقبح القبائح ، والمنان على جميع خلقه بالنصائح ، الذي أمر بالبيان (3) والإحسان ، ونهى عن التظالم والعدوان (4).
وعن علي عليه السلام ، وابن عباس ( الذين هم عن صلاتهم ساهون ) يريد المنافقين الذين لا يرجون
পৃষ্ঠা ৮৩
تفسير سورة قريش
بسم الله الرحمن الرحيم
( لإيلاف قريش (1) إيلافهم رحلة الشتاء والصيف (2)) المعنى : هو إلفهم وإيلافهم فقريش من أنفسهم وحليفهم ، ومن جاورهم في الحرم ولفيفهم ، فكل من كان يسكن في الحرم في مسكنهم ، ويأمن بمكانه معهم في الحرم بأمنهم ، ويرحل معهم إذا أراد أمنا الرحلتين ، وينتقل معهم الطعام والإدام في السنة نقلتين ، لا يعرض لهم أحد من العرب بقطع في الطريق ، وليسوا في شيء مما فيه غيرهم من الخوف والضيق ، والعرب كلهم خائفون جياع ، وهم كلهم آمنون شباع ، لحرمة البيت عند العرب وتعظيمه وإجلاله ، ولإكبارهم القطع على سكان الحرم ونزاله ، فذكرهم في ذلك تبارك وتعالى بنعمته ، وبما من به تعالى من بركة الحرم وحرمته.
وفي ذلك وذكره ، وما ذكرنا من أمره ، ما يقول الله سبحانه : ( أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون (57)) [القصص : 57] ، وفيه ما يقول الله سبحانه : ( أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون (67)) [العنكبوت : 67].
وتأويل ( فليعبدوا )، هو : فليوحدوا ، ومعنى ليوحدوا : فهو ليخلصوا ، ومعنى ليخلصوا : فهو ليفردوا بعبادتهم ، وليخصوا ( رب هذا البيت (3) الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (4)) الذي بمكانهم منه ، وبما كان من مجاورتهم له ،
وأيضا عن جعفر الصادق عليه السلام سأله يونس بن عمار عن قوله : ( الذين هم عن صلاتهم ساهون ) أهي وسوسة الشيطان؟ فقال : لا كل أحد يصيبه هذا ، ولكن أن يغفلها ، ويدع أن يصلي في أول وقتها ، وعنه أيضا : هو الترك لها والتواني عنها.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام ( ويمنعون الماعون ) قال : هي الزكاة ، وعن الإمام الصادق : هو القرض تقرضه ، والمعروف تصنعه ، ومتاع البيت تعيره ، ومنه الزكاة. مجمع البيان 6 / 248 249.
পৃষ্ঠা ৮৪
أطعموا من جوع ، وأومنوا من خوف ، فلم يجوعوا جوع الجائعين ، ولم يخافوا خوف الخائفين، فكلهم يعلم ويقول : إن البيت بيت الله ذي الجلال والإكرام ، لا بيت ما عبدوا دونه من الملائكة والأصنام ، وأن الله سبحانه هو (1) الذي حرم الحرم ، وجعل له تبارك وتعالى الجلالة والكرم ، لا الملائكة المقربون ، ولا الأصنام التي يعبدون ، فأمرهم جل ثناؤه أن يعبدوه وحده ، وأن يوجبوا شكره وحمده ، على ما صنع لهم وأولاهم ، ووهب لهم بحرمة بيته وأعطاهم (2).
تفسير سورة الفيل
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته عن قول الله سبحانه : ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل (1) ألم يجعل كيدهم في تضليل (2) وأرسل عليهم طيرا أبابيل (3)) .
معنى ( تر ) في مخرج التأويل : ليس هو برؤية العين ، ولكنه علم اليقين ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم ير ذلك بعينه ، ولكنه رآه بعلمه ويقينه ، وبما ذكر الله جل ثناؤه عنه ، وبما وصفه الله به منه ، وسواء قيل : ألم تر ، أو قيل : ألم تعلم ، معناهما واحد في اليقين والعلم.
وتأويل ( كيف فعل ربك ) هو كيف صنع ، وأصحاب الفيل : فهم من جاء معه ، أو بعث به وإن تخلف عنه ، فكل من كان للفيل صاحبا ، من بعث وإن لم يصحبه ومن كان له مصاحبا.
وقال الطبرسي في مجمع البيان 10 / 545 : رحلة الشتاء إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى الشام ، وقال الفراء في معاني القرآن 3 / 294 : رحلة الشتاء إلى الشام ، ورحلة الصيف إلى اليمن.
পৃষ্ঠা ৮৫
وتأويل ( كيدهم )، فهو إرادة مريدهم ، والإكادة : فهي الإرادة ، كما قال الشاعر:
كادت وكدت وتلك خير إرادة
لو لا الوشاة بأن نكون جميعا
وذلك أن أصحاب الفيل كادوا ، ومعنى ذلك : هو أرادوا ، أن يخربوا الكعبة ، ويجعلوها متهدمة خربة ، لأن العرب خربت كنيسة كانت يومئذ للحبشة ، وكان يومئذ فيهم وملك عليهم رجل من العرب من أهل اليمن يقال له : أبرهة بن الصباح ، وكان يدين دينهم ، فهو الذي بعثهم ، فأرسل الله سبحانه على أصحاب الفيل كما قال تبارك وتعالى : ( طيرا أبابيل (3) ترميهم بحجارة من سجيل (4) فجعلهم كعصف مأكول (5)) ، لا يصيب حجر منهم أحدا إلا قتله وأهلكه (1)، ولم يكن له بقاء معه ولا بعده ، والطير الأبابيل فهي الطير الكبير الأراعيل (2)، التي تأتي من كل جهة ، ولا تأتي من ناحية واحدة ، والسجيل : فهو فيما يقال : الطين ، المستحجر الصلب الذي ليس فيه لين ، فهو لا يقع على شيء إلا حطمه ، وفته وهشمه ، وجعله كما قال الله سبحانه كالعصف المأكول ، والعصف : فهو عاصفة قصب الزرع البالي المدخول (3)، الذي قد دخل وأكل ، وتناثر وتهلهل ، والمأكول منه فهو الذي لا جوف له ، والذي قد أنهت جوفه كله (4).
وقوله تعالى : ( ترميهم بحجارة من سجيل ) معناه من حجر وطين ، ويقال : السجيل : الشديد وكانت تحمل الحجارة في أظافيرها ومناقيرها ، أكبرها مثل الحمصة ، وأصغرها مثل العدسة ، فترسل ذلك
পৃষ্ঠা ৮৬
تفسير سورة الهمزة
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته عن قول الله سبحانه : ( ويل لكل همزة لمزة (1) الذي جمع مالا وعدده (2) يحسب أن ماله أخلده (3) كلا لينبذن في الحطمة (4) وما أدراك ما الحطمة (5) نار الله الموقدة (6) التي تطلع على الأفئدة (7) إنها عليهم مؤصدة (8) في عمد ممددة (9)) ؟
فتأويل ما ذكر الله من الويل : ما يعرف من الحرقة والعويل ، والخزي الكبير العظيم الجليل ، والهمزة من الناس : فهو من يغتاب صاحبه ويغمزه ، والهمزة واللمزة : فهو الذي يعيب حقا أو محقا ويهمزه ، والهمزة : فهو الباخس المغتاب ، واللمزة : هو الهامز العياب. وجمعه للمال : فهو اكتنازه له واجتهاده ، وتعديده له : فهو إرصاده له وإعداده ، بما في يده من ماله ، لما يخشى من نوائب حاله.
وتأويل ( يحسب ) هو أيحسب استفهاما وتوقيفا ، وتبيانا له وتعريفا ، على أن ما جمع وأعد من مال ، لنوائب مكروهه بحال ، لن يخلده فينقذه ، ولن يدفع عنه ، ويقيه (1) ما يخشى ويتقي من مكروه النوائب ، كيف وهو لا يدفع عنه من الموت أكبر المصائب؟! لا ينتفع عند الموت به ، ولا بكده فيه وكسبه ، وكذلك كلما أراده الله به من ضر سوى الموت ، فليس يقدر له بجمع ماله وإعداده على خلاص ولا فوت ، في عاجل دنياه ، وكذلك هو في مثواه ، يوم القيامة ، إذا نبذ في الحطمة ، ونبذه فيها ، إلقاؤه إليها ، والحطمة : فهي الأكول لأهلها باستعارها وحرها ، وهي النار التي جعل الله وقودها كما قال سبحانه بما جعل من حجارتها وأهلها في قرارها ، وفي ذلك ما يقول تبارك وتعالى للمنذرين : ( فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (24)) [البقرة : 24] ، فنار الآخرة جعلت نارا ، فطرها الله يومئذ افتطارا ، من
পৃষ্ঠা ৮৭