فأزلهما الشيطان عنها} عن الجنة، بمعنى أذهبهما عنها، وأبعدهما فأخرجهما، {فأخرجهما مما كانا فيه} من النعيم والكرامة، أو من نعمة الطاعة، {وقلنا: اهبطوا بعضكم لبعض عدو} والضمير لآدم وزوجته، وإبليس فيما قيل، {ولكم في الأرض مستقر} استقرار {ومتاع} وتمتع بما أوتوا {إلى حين(36)} إلى الموت. قال ابن أدهم (لعله ابن آدم) (¬1) : «أورثتنا تلك الأكلة حزنا طويلا»، قال غيره: «لا يعبأ بالحزن الفاني إذا أعقبته السلامة».
{فتلقى} تلقن، والتلقي هو قبول [13] عن فطنة وفهم؛ وقيل: هو التعلم، ومعنى تلقي الكلمات استقبالها بالأخذ والقبول والعمل بها، أي أخذها من ربه على سبيل الطاعة. {آدم من ربه كلمات} وهن قوله: {ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} (¬2) ، وهو دخوله في الجملة قولا وعملا ونية، بعد أن خرج منها. {فتاب عليه} فرجع عليه بالرحمة، {إنه هو التواب} لمن تاب إليه {الرحيم(37)} بعباده، من حيث تفضل عليهم بالتوبة والإمهال، ولم يؤاخذهم على ذنب تابوا منه.
{قلنا: اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى} بيان وحجة، {فمن تبع هداي} بالقبول {فلا خوف عليهم} من العقاب، {ولا هم يحزنون(38)} على فوت الثواب، أو لا يحزنون على ما يفوتهم من أمر الدنيا.
{
¬__________
(¬1) - ... هذه العبارة من إضافة الناسخ، كما هو واضح، إلا أنه أخطأ في احتماله، بدليل ما سيأتي في قوله: «قال غيره»، أي قال غير ابن أدهم من العارفين، أو الحكماء... وليس المقصود غير ابن آدم.
(¬2) - ... سورة الأعراف: 23.
পৃষ্ঠা ৩৮