وما يضل به} (لعله) قيل: الإضلال هو الصرف عن الحق إلى الباطل، وقيل: هو الإهلاك. {إلا الفاسقين(26)} الفسق: الخروج عن القصد، وفي الشريعة الخروج عن الأمر بارتكاب الكبيرة، وهو النازل بين المنزلتين: منزلة المؤمن والمشرك.
{الذين} صفة لهم {ينقضون عهد الله} النقض: الفسخ، وفك التركيب والكسر، والعهد الموثق ما ركز في عقولهم من الحجة على التوحيد، كأنه أمر وصاهم به، {من بعد ميثاقه} أصله من الوثاقة، وهي إحكام الشيء، {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} أي قطع الوصل الذي به نظام العالم وصلاحه، وقيل: الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبجميع الرسل، لأنهم قالوا: {نؤمن ببعض ونكفر ببعض} (¬1) ، وإذا قطع تولد منه الفساد. {ويفسدون في الأرض} بعد إصلاحها، أي خلقها الله صالحة، منتفعا بها للتزود للمعاد، {أولئك هم الخاسرون(27)} أي خسروا ما خلق الله لهم من النعم، حيث كفروها فلم ينتفعوا بها، بل حاق بهم ضررها، لأنهم ازدادوا بها عذابا، وخسروا إهمال العقل عن النظر، واقتناص ما يفيدهم الحياة (¬2) الأبدية.
{كيف تكفرون بالله} بعد نصب الدلائل، ووضوح البراهين، ثم ذكر الدليل فقال: {وكنتم أمواتا} يقال لعادم الحياة أصلا ميت، {فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم} كما قال: {ربنا أمتنا اثنتين، وأحييتنا اثنيتن} (¬3) ، فانظر بين الموتتين والحياتين ولما بينهما من التفاوت، {ثم إليه ترجعون(28)} إلى الجزاء على قدر الأعمال.
{
¬__________
(¬1) - ... سورة النساء: 150.
(¬2) - ... كذا في الأصل، والصواب: «للحياة».
(¬3) - ... سورة غافر: 11.
পৃষ্ঠা ৩২