90

তাফসির মিযান

تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

জনগুলি

তাফসির

وأما من الجهة الثانية وهي النظر إليه من جهة التشريع فالذي ينبغي أن يقال: أن مفهوم الشفاعة على ما سبق من التحليل يصح صدقه في مورده ولا محذور في ذلك وعليه ينطبق قوله تعالى: "يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا": طه - 109، وقوله: "لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له": السبا - 23، وقوله "لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى": النجم - 26، وقوله: "ولا يشفعون إلا لمن ارتضى": الأنبياء - 28، وقوله: "ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون": الزخرف - 86، فإن الآيات كما ترى تثبت الشفاعة بمعنى الشافعية لعدة من عباده من الملائكة والناس من بعد الإذن والارتضاء، فهو تمليك ولله الملك وله الأمر فلهم أن يتمسكوا برحمته وعفوه ومغفرته وما أشبه ذلك من صفاته العليا لتشمل عبدا من عباده سائت حاله بالمعصية، وشملته بلية العقوبة، فيخرج عن كونه مصداقا للحكم الشامل، والجرم العامل على ما عرفت أن تأثير الشفاعة بنحو الحكومة دون التضاد وهو القائل عز من قائل: "أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات": الفرقان - 70، فله تعالى أن يبدل عملا من عمل كما أن له أن يجعل الموجود من العمل معدوما، قال تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا": الفرقان - 23، وقال تعالى: "فأحبط أعمالهم": محمد - 10، وقال تعالى: "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم": النساء - 31، وقال تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء": النساء - 48، والآية في غير مورد الإيمان والتوبة قطعا فإن الإيمان والتوبة يغفر بهما الشرك أيضا كسائر الذنوب وله تكثير القليل من العمل، قال تعالى: "أولئك يؤتون أجرهم مرتين": القصص - 65، وقال: "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها": الأنعام - 160، وله سبحانه أن يجعل المعدوم من العمل موجودا، قال تعالى: "الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرىء بما كسب رهين": الطور - 21، وهذا هو اللحوق والإلحاق وبالجملة فله تعالى أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.

نعم إنما يفعل لمصلحة مقتضية، وعلة متوسطة ولتكن من جملتها شفاعة الشافعين من أنبيائه وأوليائه والمقربين من عباده من غير جزاف ولا ظلم.

ومن هنا ظهر أن معنى الشفاعة بمعنى الشافعية، صادق بحسب الحقيقة في حقه تعالى فإن كلا من صفاته متوسطة بينه وبين خلقه في إفاضة الجود وبذل الوجود فهو الشفيع في الحقيقة على الإطلاق.

قال تعالى: "قل لله الشفاعة جميعا": الزمر - 44، وقال تعالى: "ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع": السجدة - 4، وقال تعالى: "ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع": الأنعام - 51.

وغيره تعالى لو كان شفيعا فإنما هو بإذنه وتمليكه.

فقد ثبت بما مر صحة تحقق الشفاعة عنده تعالى في الجملة فيما لا يوجب محذورا لا يليق بساحة كبريائه تعالى.

2 - إشكالات الشفاعة

قد عرفت: أن الشفاعة ثابتة في الجملة لا بالجملة، وستعرف أن الكتاب وكذلك السنة لا يثبتان أزيد من ذلك، بل التأمل في معناها وحده يقضي بذلك، فإن الشفاعة كما مر يرجع بحسب المعنى إلى التوسط في السببية والتأثير، ولا معنى للإطلاق في السببية والتأثير فلا السبب يكون سببا لكل مسبب من غير شرط ولا مسبب واحد يكون مسببا لكل سبب على الإطلاق فإن ذلك يؤدي إلى بطلان السببية وهو باطل بالضرورة.

ومن هنا اشتبه الأمر على النافين للشفاعة حيث توهموها مطلقة من غير شرط فاستشكلوا فيها بأمور وبنوا عليها بطلان هذه الحقيقة القرآنية من غير تدبر فيما يعطيه كلامه تعالى وهاك شطرا منها: الإشكال الأول: أن رفع العقاب عن المجرم يوم القيامة بعد ما أثبته الله تعالى بالوعيد إما أن يكون عدلا أو ظلما.

فإن كان عدلا كان أصل الحكم المستتبع للعقاب ظلما لا يليق بساحته تعالى وتقدس، وإن كان ظلما كان شفاعة الأنبياء مثلا سؤالا للظلم منه وهو جهل لا يجوز نسبته إليهم صلوات الله عليهم.

পৃষ্ঠা ৯১